السماء كرة، لأنه لو لم يكن كرة لكان بعض جوانبه سطحا، والبعض زاوية، والبعض خطا، ولكان بعض أجزائه أقرب إلينا، والبعض أبعد، فلا تكون التسوية الحقيقة حاصلة، فوجب أن يكون كرة حتى تكون التسوية الحقيقة حاصلة، ثم قالوا لما ثبت أنها محدثة مفتقرة إلى فاعل مختار، فأي ضرر في الدين ينشأ من كونها كرة؟.
* (وأغطش ليلها وأخرج ضحاها) *.
الصفة الثالثة: قوله تعالى: * (وأغطش ليلها وأخرج ضحاها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أغطش قد يجيء لازما، يقال: أغطش الليل إذا صار مظلما ويجيء متعديا يقال: أغطشه الله إذا جعله مظلما، والغطش الظلمة، والأغطش شبه الأعمش، ثم ههنا سؤال وهو أن الليل اسم لزمان الظلمة الحاصلة بسبب غروب الشمس، فقوله: * (وأغطش ليلها) * يرجع معناه إلى أنه جعل المظلم مظلما، وهو بعيد والجواب: معناه أن الظلمة الحاصلة في ذلك الزمان إنما حصلت بتدبير الله وتقديره: وحينئذ لا يبقى الإشكال.
المسألة الثانية: قوله: * (وأخرج ضحاها) * أي أخرج نهارا، وإنما عبر عن النهار بالضحى، لأن الضحى أكمل أجزاء النهار في النور والضوء.
المسألة الثالثة: إنما أضاف الليل والنهار إلى السماء، لأن الليل والنهار إنما يحدثان بسبب غروب الشمس وطلوعها، ثم غروبها وطلوعها إنما يحصلان بسبب حركة الفلك، فلهذا السبب أضاف الليل والنهار إلى السماء، ثم إنه تعالى لما وصف كيفية خلق السماء أتبعه بكيفية خلق الأرض وذلك من وجوه:
* (والارض بعد ذلك دحاها) *.
الصفة الأولى: قوله تعالى: * (والأرض بعد ذلك دحاها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: دحاها بسطها، قال زيد بن عمرو بن نفيل: دحاها فلما رآها استوت * على الماء أرسى عليها الجبالا وقال أمية بن أبي الصامت: دحوت البلاد فسويتها * وأنت على طيها قادر قال أهل اللغة في هذه اللفظة لغتان دحوت أدحو، ودحيت أدحى، ومثله صفوت وصفيت ولحوت العود ولحيته وسأوت الرجل وسأيته وبأوت عليه وبأيت، وفي حديث علي عليه السلام " اللهم داحي المدحيات " أي باسط الأرضين السبع وهو المدحوات أيضا، وقيل: أصل الدحو الإزالة للشيء من مكان إلى مكان، ومنه يقال: إن الصبي يدحو بالكرة أي يقذفها على وجه الأرض، وأدحى النعامة موضعه الذي يكون فيه أي بسطته وأزلت ما فيه من حصى، حتى يتمهد له، وهذا يدل على أن معنى الدحو يرجع إلى الإزالة والتمهيد.