سورة الانفطار تسع عشرة آية مكية بسم الله الرحمن الرحيم * (إذا السمآء انفطرت * وإذا الكواكب انتثرت * وإذا البحار فجرت * وإذا القبور بعثرت * علمت نفس ما قدمت وأخرت) *.
اعلم أن المراد أنه إذا وقعت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة، فهناك يحصل الحشر والنشر، وفي تفسير هذه الآيات مقامات الأول: في تفسير كل واحد من هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة وهي ههنا أربعة، اثنان منها تتعلق بالعلويات، واثنان آخران تتعلق بالسفليات الأول: قوله: * (إذا السماء انفطرت) * أي انشقت وهو كقوله: * (ويوم تشقق السماء الغمام) * (الفرقان: 25)، * (إذا السماء انشقت) * (الإنشقاق: 1)، * (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان) * (الرحمن: 37)، * (وفتحت السماء فكانت أبوابا) * و * (السماء منفطر به) * (المزمل: 18) قال الخليل: ولم يأت هذا على الفعل، بل هو كقولهم: مرضع وحائض، ولو كان على الفعل لكان منفطرة كما قال: * (إذا السماء انفطرت) * أما الثاني وهو قوله: * (وإذا الكواكب انتثرت) * فالمعنى ظاهر لأن عند انتقاض تركيب السماء لا بد من انتثار الكواكب على الأرض.
واعلم أنا ذكرنا في بعض السورة المتقدمة أن الفلاسفة ينكرون إمكان الخرق والالتئام على الأفلاك، ودليلنا على إمكان ذلك أن الأجسام متماثلة في كونها أجساما، فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر، إنما قلنا: إنها متماثلة لأنه يصح تقسيمها إلى السماوية والأرضية ومورد التقسيم مشترك بين القسمين، فالعلويات والسفليات مشتركة في أنها أجسام، وإنما قلنا: إنه متى كان كذلك وجب أن يصح على العلويات ما يصح على السفليات، لأن المتماثلات حكمها واحد فمتى يصح حكم على واحد منها، وجب أن يصح على الباقي، وأما الاثنان السفليان: فأحدهما: قوله: * (وإذا البحار فجرت) * وفيه وجوه أحدهما: أنه ينفذ بعض البحار في البعض بارتفاع الحاجز الذي جعله الله برزخا، وحينئذ يصير الكل بحرا واحدا، وإنما يرتفع ذلك