وفاكهة وأبا (31) متاعا لكم ولأنعامكم (32) فإذا جاءت الصاخة (33) يوم يفر المرء من أخيه (34) وأمه وأبيه (35) وصاحبته وبنيه (36) (والثاني) أن يكون المراد وصف كل واحد من الأشجار بالغلظ والعظم، قال عطاء عن ابن عباس يريد الضجر العظام، وقال الفراء الغلب ما غلظ من النخل.
(وسابعها) قوله (وفاكهة) وقد استدل بعضهم بأن الله تعالى لما ذكر الفاكهة معطوفة على العنب والزيتون والنخل وجب أن لا تدخل هذه الأشياء في الفاكهة، وهذا قريب من جهة الظاهر، لان المعطوف مغاير للمعطوف عليه.
(وثامنها) قوله تعالى (وأبا) والأب هو المرعى، قال صاحب الكشاف لأنه يؤب أي يؤم وينتجع، والأب والام أخوان قال الشاعر:
جذمنا قيس ونجد دارنا... ولنا الأب به والمكرع وقيل الأب الفاكهة اليابسة لأنه تؤوب للشتاء أي تعد، ولما ذكر الله تعالى ما يغتذي به الناس والحيوان. قال (متاعا لكم ولأنعامكم).
قال الفراء خلقناه منفعة ومتعة لكم ولأنعامكم، وقال الزجاج هو منصوب لأنه مصدر مؤكد لقوله (فأنبتنا) لان إنباته هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوان.
واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الأشياء وكان المقصود منها أمورا ثلاثة: (أولها) الدلائل الدالة على التوحيد (وثانيها) الدلائل الدالة على القدرة على المعاد (وثالثها) أن هذا الاله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الاحسان، لا يليق بالعاقل أن يتمرد عن طاعته وأن يتكبر على عبيدة أتبع هذه الجملة بما يكون مؤكدا لهذه الأغراض وهو شرح أهوال القيامة، فإن الانسان إذا سمعها خاف فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل والايمان بها والاعراض عن الكفر، ويدعوه ذلك أيضا إلى ترك التكبر على الناس، وإلى إظهار التواضع إلى كل أحد، فلا جرم ذكر القيامة.
فقال (فإذا جاءت الصاخة) قال المفسرون يعنى صيحة القيامة وهي النفخة الأخيرة، قال الزجاج أصل الصخ في اللغة الطعن والصك، يقال صخ رأسه بحجر أي شدخه والغراب يصخ بمنقاره في دبر البعير أي يطعن، فمعنى الصاخة الصاكة بشدة صوتها للآذان، وذكر صاحب الكشاف وجها آخر فقال يقال صخ لحديثه مثل أصاخ له، فوصفت النفخة بالصالخة مجازا لان الناس يصخون لها أي يستمعون.
ثم إنه تعالى وصف هول ذلك اليوم بقوله تعالى (يوم يفر المرء من أخيه، وأمه، وأبيه، وصاحبته وبنيه) وفيه مسألتان: