* وإذا النجوم انكدرت * وإذا الجبال سيرت * وإذا العشار عطلت * وإذا الوحوش حشرت * (الثاني) قوله تعالى (وإذا النجوم انكدرت) أي تناثرت وتساقطت كما قال تعالى (وإذا الكواكب انتثرت) والأصل في الانكدار الأنصاب، قال الخليل: يقال انكدر عليهم القوم إذا جاؤوا أرسالا فانصبوا عليهم، قال الكلبي: تمطر السماء يؤمئذ نجوما فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على وجه الأرض، قال عطاء، وذلك أنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من النور، وتلك السلاسل في أيدي الملائكة، فإذا مات من في السماء والأرض تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة.
(الثالث) قوله تعالى (وإذا الجبال سيرت) أي عن وجه الأرض كقوله (وسيرت الجبال فكانت سرابا) أو في الهواء كقوله (تمر مر السحاب).
(الرابع) قوله (وإذا العشار عطلت) فيه قولان:
(القول الأول) المشهور أن (العشار عطلت) فيه قولان:
(القول الأول) المشهور أن (العشار) جمع عشراء كالنفاس في جمع نفساء، وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر، ثم هو اسمها إلى أن تضع لتمام السنة، وهي أنفس ما يكون عند أهلها وأعزها عليهم، و (عطلت) قال ابن عباس أهملها أهلها لما جاءهم من أهوال يوم القيامة، وليس شئ أحب إلى العرب من النوق الحوامل، وخوطب العرب بأمر العشار لان أكثر مالها وعيشها من الإبل.
والغرض من ذلك ذهاب الأموال وبطلان الأملاك، واشتغال الناس بأنفسهم كما قال (يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم) وقال (لقد جئتمونا فرادى كما خلقنا كم أول مرة).
(والقول الثاني) أن العشار كناية عن السحاب تعطلت عما فيها من الماء وهذا وإن كان مجازا إلا أنه أشبه بسائر ما قبله، وأيضا فالعرب تشبه السحاب بالحامل، قال تعالى (فالحاملات وقرأ).
(الخامس) قوله تعالى (وإذا الوحوش حشرت) كل شئ من دواب البر مما لا يستأنس فهو وحش، والجمع الوحوش، و (حشرت) جمعت من كل ناحية، قال قتادة يحشر كل شئ حتى الذباب للقصاص، قال المعتزلة: إن الله تعالى يحشر الحيوانات كلها في ذلك اليوم ليعوضعها على آلامها التي وصلت إليها في الدنيا بالموت والقتل وغير ذلك، فإذا عوضت على تلك الآلام، فإن شاء الله أن يبقى بعضها في الجنة إذا كان مستحسنا فعل، وإن شاء أن يفنيه أفناه عل ما جاء به الخبر، وأما أصحابنا فعندهم أنه لا يجب على الله شئ بحكم الاستحقاق، ولكنه تعالى يحشر الوحوش كلها فيقص للجماء من القرناء ثم يقال لها موتى فتموت، والغرض من ذكر هذه القصة ههنا وجوه (أحدها)