والوتر اللسان قال تعالى: * (ولسانا وشفتين) * (البلد: 9) التاسع عشر: الشفع السجدتان والوتر الركوع العشرون: الشفع أبواب الجنة لأنها ثمانية والوتر أبواب النار لأنها سبعة، واعلم أن الذي يدل عليه الظاهر، أن الشفع والوتر أمران شريفان، أقسم الله تعالى بهما، وكل هذه الوجوه التي ذكرناها محتمل، والظاهر لا إشعار له بشيء من هذه الأشياء على التعيين، فإن ثبت في شيء منها خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع من أهل التأويل حكم بأنه هو المراد، وإن لم يثبت، فيجب أن يكون الكلام على طريقة الجواز لا على وجه القطع، ولقائل أن يقول أيضا: إني أحمل الكلام على الكل لأن الألف واللام في الشفع والوتر تفيد العموم، أما قوله تعالى: * (والليل إذا يسر) * ففيه مسألتان:
المسألة الأولى: * (إذا يسر) * إذا يمضي كما قال: * (والليل إذا أدبر) * (المدثر: 33) وقوله: * (والليل إذا عسعس) * (التكوير: 27) وسراها ومضيها وانقضاؤها أو يقال: سراها هو السير فيها، وقال قتادة: * (إذا يسر) * أي إذا جاء وأقبل.
المسألة الثانية: أكثر المفسرين على أنه ليس المراد منه ليلة مخصوصة بل العموم بدليل قوله: * (والليل إذا أدبر) * * (والليل إذا عسعس) * ولأن نعمة الله بتعاقب الليل والنهار واختلاف مقاديرهما على الخلق عظيمة، فصح أن يقسم به لأن فيه تنبيها على أن تعاقبهما بتدبيره مدبر حكيم عالم بجميع المعلومات، وقال مقاتل: هلي ليلة المزدلفة فقوله: * (إذا يسر) * أي إذا يسار فيه كما يقال: ليل نائم لوقوع النوم فيه، وليل ساهر لوقوع السهر فيه، وهي ليلة يقع السري في أولها عند الدفع من عرفات إلى المزدلفة، وفي آخرها كما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان يقدم ضعفة أهله في هذه الليل، وإنما يجوز ذلك عند الشافعي رحمه الله بعد نصف الليل.
المسألة الثالثة: قال الزجاج: قرىء * (إذا يسر) * بإثبات الياء، ثم قال: وحذفها أحب إلي لأنها فاصلة والفواصل تحذف منها الياءات، ويدل عليها الكسرات، قال الفراء: والعرب قد تحذف الياء وتكتفي بكسرة ما قبلها، وأنشد: كفاك كف ما يبقى درهما * جودا وأخرى تعط بالسيف الدما فإذا جاز هذا في غير الفاضلة فهو في الفاصلة أولى، فإن قيل: لم كان الاختيار أن تحذف الياء إذا كان في فاصلة أو قافية، والحرف من نفس الكلمة، فوجب أن يثبت كما أثبت سائر الحروف ولم يحذف؟ أجاب أبو علي فقال: القول في ذلك أن الفواصل والقوافي موضع وقف والوقف موضع تغيير فلما كان الوقف تغير فيه الحروف الصحيحة بالتضعيف والإسكان وروم الحركة فيها غيرت هذه الحروف المشابهة للزيادة بالحذف، وأما من أثبت الياء في يسري في الوصل والوقف فإنه يقول: الفعل لا يحذف منه في الوقف كما يحذف في الأسماء نحو قاض وغاز، تقول: هو يقضي وأنا أقضي فتثبت الياء ولا تحذف.
وقوله تعالى: * (هل في ذلك قسم لذي حجر) * فيه مسألتان:
المسألة الأولى: الحجر العقل سمي به لأنه يمنع عن الوقوع فيما لا ينبغي كما سمي عقلا ونهية