في هذين الوصفين جميع الطاعات والحسنات، وقيل: الآيتان نزلتا في أبي عزيز بن عمير ومصعب بن عمير، وقد قتل مصعب أخاه أبا عزيز يوم أحد، ووقى رسول الله بنفسه حتى نفذت المشاقص في جوفه.
* (يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاهآ) *.
واعلم أنه تعالى لما بين بالبرهان العقلي إمكان القيامة، ثم أخبر عن وقوعها، ثم ذكر أحوالها العامة، ثم ذكر أحوال الأشقياء والسعداء فيها، قال تعالى: * (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) *.
واعلم أن المشركين كانوا يسمعون إثبات القيامة، ووصفها بالأوصاف الهائلة، مثل أنها طامة وصاخة وقارعة، فقالوا على سبيل الاستهزاء: * (أيان مرساها) * فيحتمل أن يكون ذلك على سبيل الإيهام لأتباعهم أنه لا أصل لذلك، ويحتمل أنهم كانوا يسألون الرسول عن وقت القيامة استعجالا، كقوله: * (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) * (الشورى: 18) ثم في قوله: * (مرساها) * قولان أحدهما: متى إرساؤها، أي إقامتها أرادوا متى يقيمها الله ويوجدها ويكونها والثاني: * (أيان) * منتهاها ومستقرها، كما أن مرسى السفينة مستقرها حيث تنتهي إليه.
ثم إن الله تعالى أجاب عنه بقوله تعالى: * (فيم أنت من ذكراها) * وفيه وجهان الأول: معناه في أي شيء أنت عن تذكر وقتها لهم، وتبين ذلك الزمان المعين لهم، ونظيره قول القائل: إذا سأله رجل عن شيء لا يليق به ما أنت وهذا، وأي شيء لك في هذا، وعن عائشة " لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الساعة ويسأل عنها حتى نزلت هذه الآية " فهو على هذا تعجيب من كثرة ذكره لها، كأنه قيل: في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها، والمعنى أنهم يسألونك عنها، فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها.
ثم قال تعالى: * (إلى ربك منتهاها) * أي منتهى علمها لم يؤته أحدا من خلقه الوجه الثاني: قال بعضهم: * (فيم) * إنكار لسؤالهم، أي فيم هذا السؤال، ثم قيل: * (أنت من ذكراها) * أي أرسلك وأنت خاتم الأنبياء وآخر الرسل ذاكرا من أنواع علاماتها، وواحدا من أقسام أشراطها، فكفاهم بذلك دليلا على دنوها ووجوب الاستعداد لها، ولا فائدة في سؤالهم عنها.
* (إنمآ أنت منذر من يخشاها) *.
ثم قال تعالى: * (إنما أنت منذر من يخشاها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى الآية أنك إنما بعثت للإنذار وهذا المعنى لا يتوقف على علمك