والنار، قال الواحدي: وهذا تفسير فيه نظر لأن من المعلوم أن (بني) هذا الإنسان وغيره لم يقتحموا عقبة جهنم ولا جاوزوها فحمل الآية عليه يكون إيضاحا للواضحات، ويدل عليه أنه لما قال: * (وما أدراك ما العقبة) * (البلد: 12) فسره بفك الرقبة وبالإطعام الوجه الثاني: في تفسير العقبة هو أن ذكر العقبة ههنا مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والشيطان في أعمال البر، وهو قول الحسن ومقاتل: قال الحسن عقبة الله شديدة وهي مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه من شياطين الإنس والجن، وأقول هذا التفسير هو الحق لأن الإنسان يريد أن يترقى من عالم الحس والخيال إلى يفاع عالم الأنوار الإلهية ولا شك أن بينه وبينها عقبات سامية دونها صواعق حامية، ومجاوزتها صعبة والترقي إليها شديد.
المسألة الثانية: أن في الآية إشكالا وهو أنه قلما توجد لا الداخلة على المضي إلا مكررة، تقول: لا جنبني ولا بعدني قال تعالى: * (فلا صدق ولا صلى) * (القيامة: 31) وفي هذه الآية ما جاء التكرير فما السبب فيه؟ أجيب عنه من وجوه الأول: قال الزجاج: إنها متكررة في المعنى لأن معنى * (فلا اقتحم العقبة) * فلا فك رقبة ولا أطعم مسكينا، ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك، وقوله: * (ثم كان من الذين آمنوا) * (البلد: 17) يدل أيضا على معنى * (فلا اقتحم العقبة) * ولا آمن الثاني: قال أبو علي الفارسي: معنى * (فلا اقتحم العقبة) * لم يقتحمها، وإذا كانت لا بمعنى لم كان التكرير غير واجب كما لا يجب التكرير مع لم، فإن تكررت في موضع نحو * (فلا صدق ولا صلى) * فهو كتكرر ولم: نحو * (لم يسرفوا ولم يقتروا) * (الفرقان: 67).
المسألة الثالثة: قال القفال: قوله: * (فلا اقتحم العقبة) * أي هلا أنفق ماله فيما فيه اقتحام العقبة؟ وأما الباقون فإنهم أجروا اللفظ على ظاهره وهو الإخبار بأنه ما اقتحم العقبة. ثم قال تعالى:
* (ومآ أدراك ما العقبة) *.
فلا بد من تقدير محذوف، لأن العقبة لا تكون فك رقبة، فالمراد وما أدراك ما اقتحام العقبة، وهذا تعظيم لأمر التزام الدين. ثم قال تعالى:
* (فك رقبة) *.
والمعنى أن اقتحام العقبة هو الفك أو الإطعام، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الفك فرق يزيل المنع كفك القيد والغل، وفك الرقبة فرق بينها وبين صفة الرق بإيجاب الحرية وإبطال العبودية، ومنه فك الرهن وهو إزالة غلق الرهن، وكل شيء أطلقته فقد فككته، ومنه فك الكتاب، قال الفراء: في المصادر فكها يفكها فكاكا بفتح الفاء في المصدر ولا تقل بكسرها، ويقال: كانت عادة العرب في الأسارى شد رقابهم وأيديهم فجرى ذلك فيهم وإن لم يشدد، ثم سمي إطلاق الأسير فكاكا، قال الأخطل: أبني كليب إن عمى اللذا * قتلا الملوك وفككا الأغلال المسألة الثانية: فك الرقبة قد يكون بأن يعتق الرجل رقبة قد يكون بأن يعتق الرجل رقبة من الرق، وقد يكون بأن يعطي