قدرته في إيجاده، وإعدامه، نافذا ساريا من غير ممانعة أصلا، وأما الممكن فليس له إلا القبول والاستعداد، ومثل هذا الشيء حقيق به أن يكون قابلا للوجود تارة، وللعدم أخرى من واجب الوجود، أما قوله: * (وإذا الأرض مدت) * ففيه وجهان الأول: أنه مأخوذ من مد الشيء فامتد، وهو أن تزال حبالها بالنسف كما قال: * (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا) * طه: 105) يسوي ظهرها، كما قال: * (قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) * (طه: 105, 106) وعن ابن عباس مدت مد الأديم الكاظمي، لأن الأديم إذا مد زال كل انثناء فيه واستوى والثاني: أنه مأخوذ من مده بمعنى أمده أي يزاد في سعتها يوم القيامة لوقوف الخلائق عليها للحساب، واعلم أنه لا بد من الزيادة في وجه الأرض سواء كان ذلك بتمديدها أو بإمدادها، لأن خلق الأولين والآخرين لما كانوا واقفين يوم القيامة على ظهرها، فلا بد من الزيادة في طولها وعرضها، أما قوله: * (وألقت ما فيها) * فالمعنى أنها لما مدت رمت بما في جوفها من الموتى والكنوز، وهو كقوله: * (وأخرجت الأرض أثقالها) * (الزلزلة: 2) * (وإذا القبور بعثرت) * (الإنفطار: 4) * (وبعثر ما في القبور) * (العاديات: 9) وكقوله: * (ألم نجعل الأرض كفاتا * أحياءا وأمواتا) * (المرسلات: 26, 25) وأما قوله: * (وتخلت) * فالمعنى وخلت غاية الخلو حتى لم يبق في باطنها شيء كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو، كما يقال: تكرم الكريم، وترحم الرحيم. إذا بلغا جهدهما في الكرم الرحمة وتكلفا فوق ما في طبعهما، واعلم أن التحقيق أن الله تعالى هو الذي أخرج تلك الأشياء من بطن الأرض إلى ظهرها، لكن الأرض وصفت بذلك على سبيل التوسع، وأما قوله: * (وأذنت لربها وحقت) * فقد تقدم تفسيره إلا أن الأول في السماء وهذا في الأرض، وإذا اختلف وجه الكلام لم يكن تكرارا.
قوله تعالى * (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) *.
اعلم أن قوله تعالى: * (إذا السماء انشقت) * إلى قوله: * (يا أيها الإنسان) * (الإنشقاق: 6, 1) شرط ولا بد له من جزاء واختلفوا فيه على وجوه أحدها: قال صاحب الكشاف: حذف جواب إذا ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أدخل في التهويل وثانيها: قال الفراء: إنما ترك الجواب لأن هذا المعنى معروف قد تردد في القرآن معناه فعرف، ونظيره قوله: * (إنا أنزلناه في ليلة القدر) * (القدر: 1) ترك ذكر القرآن لأن التصريح به قد تقدم في سائر المواضع وثالثها: قال بعض المحققين: الجواب هو قوله: * (فملاقيه) * وقوله: * (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا) * (الإنشقاق: 6) معترض، وهو كقول القائل إذا كان كذا وكذا يا أيها الإنسان ترى عند ذلك ما عملت من خير أو شر، فكذا ههنا. والتقدير إذا كان يوم القيامة لقي الإنسان عمله ورابعها: أن المعنى محمول على التقديم والتأخير فكأنه قيل: * (يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كادحا فملاقيه) * * (إذا السماء انشقت) * (الإنشقاق: 1 (وقامت