في جرم الورد فإذا فسد هذا الهيكل تقلصت تلك الأجزاء وبقيت حية مدركة عاقلة، إما في الشقاوة أو في السعادة وثالثها: أن يقال: إنه جسم مساو لهذه الأجسام في الماهية إلا أن الله تعالى خصها بالبقاء والاستمرار من أول حال تكون شخص في الوجود إلى آخر عمره، وأما سائر الأجزاء المتبدلة تارة بالزيادة وأخرى بالنقصان فهي غير داخلة في المشار إليه بقوله أنا فعند الموت تنفصل تلك الأجزاء. وتبقى حية، إما في السعادة أو في الشقاوة، وإذا ظهرت هذه الاحتمالات ثبت أنه لا يلزم من فساد البدن وتفرق أجزائه فساد ما هو الإنسان حقيقة، وهذا مقام حسن متين تنقطع به جميع شبهات منكري البعث. وعلى هذا التقدير لا يكون لصيرورة العظام نخرة بالية متفرقة تأثير في دفع الحشر والنشر البتة، سلمنا على سبيل المسامحة أن الإنسان هو مجموع هذا الهيكل، فلم قلتم: إن الإعادة ممتنعة؟ قوله؟ (أولا): المعدوم لا يعاد: قلنا: أليس أن حال عدمه لم يمتنع عندكم صحة الحكم عليه بأنه يمتنع عوده، فلم لا يجوز أن لا يمتنع على قولنا أيضا صحة الحكم عليه بالعود، قول: ثانيا: الأجزاء القليلة مختلطة بأجزاء العناصر الأربعة، قلنا لكن ثبت أن خالق العالم عام بجميع الجزئيات، وقادر على كل الممكنات فيصح منه جمعها بأعيانها. وإعادة الحياة إليها. قوله: ثالثا: الأجسام القشفة اليابسة لا تقبل الحياة. قلنا: نرى السمندل، يعيش في النار، والنعامة تبتلع الحديدة المحماة، والحيات الكبار العظام متولدة في الثلوج، فبطل الاعتماد على الاستقراء، والله الهادي إلى الصدق والصواب.
* (قالوا تلك إذا كرة خاسرة) *.
النوع الثالث: من الكلمات التي حكاها الله تعالى عن منكري البعث * (قالوا تلك إذا كرة خاسرة) * والمعنى كرة منسوبة إلى الخسران، كقولك تجارة رابحة، أو خاسر أصحابها، والمعنى أنها إن صحت فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا، وهذا منهم استهزاء.
* (فإنما هى زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة) *.
واعلم أنه تعالى لما حكى عنهم هذه الكلمات قال: * (فإنما هي زجرة واحدة، فإذا هم بالساهرة) * وفيه مسائل: المسألة الأولى: الفاء في قوله: * (فإذا هم) * متعلق بمحذوف معناه لا تستصعبوها فإنما هي زجرة واحدة، يعني لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله فإنها سهلة هينة في قدرته.
المسألة الثانية: يقال: زجر البعير إذا صاح عليه، والمراد من هذه الصيحة النفخة الثانية وهي صيحة إسرافيل، قال المفسرون: يحييهم الله في بطون الأرض فيسمعونها فيقومون، ونظير هذه الآية قوله تعالى: * (وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق) * (ص: 15).
المسألة الثالثة: الساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لوجهين الأول: أن