* وإذا الصحف نشرت * وإذا السمآء كشطت * وإذا الجحيم سعرت * وإذا الجنة أزلفت * علمت نفس مآ أحضرت لعيسى (أأنت قلت الناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله، قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق).
(المسألة الثانية) قرى سألت، أي خاصمت عن نفسها، وسألت الله أو قاتلها، وقرى قتلت بالتشديد، فإن قيل اللفظ المطابق أن يقال (سئلت بأي ذنب قتلت) ومن قرأ سألت فالمطابق أن يقرأ (بأي ذنب قتلت) فما الوجه في القراءة المشهورة؟ قلنا (الجواب) من وجهين (الأول) تقدير: الآية: وإذا الموؤودة سئلت (أي سئل) الوائدون عن أحوالها بأي ذنب قتلت (والثاني) أن الانسان قد يسأل عن حال نفسه عند المعاينة بلفظ المغايبة، كما إذا أردت أن تسأل زيدا عن حال من أحواله، فتقول: ماذا فعل زيد في ذلك المعنى؟ ويكون زيد هو المسؤول، وهو المسؤول عنه، فكذا ههنا.
(التاسع) قوله تعالى (وإذا الصحف نشرت) قرى بالتخفيف والتشديد يريد صحف الأعمال تطوى صحيفة الانسان عند موته، ثم تنشر إذا حوسب، ويجوز أن يراد نشرت بين أصحابها، أي فرقت بينهم.
(العاشر) قوله تعالى (وإذا السماء كشطت) أي كشفت وأزيلت عما فوقها، وهو الجنة وعرش الله، كما يكشط الإهاب عن الذبيحة، والغطاء عن الشئ، وقرأ ابن مسعود: قشطت، واعتقاب القاف والكاف كثير، يقال لبكت الثريد ولبقته، والكافور والقافور. قال الفراء:
نزعت فطويت.
(الحادي عشر) قوله تعالى (وإذا الجحيم سعرت) أو قدت إيقادا شديدا، وقرى سعرت بالتشديد للمبالغة، قيل سعرها غضب الله، وخطايا بني آدم، واحتج بهذه الآية من قال: النار غير مخلوقة الآن، قالوا لأنها تدل على أن تسعيرها معلق بيوم القيامة.
(الثاني عشر) قوله تعالى (وإذا الجنة أزلفت) أي أدنيت من المتقين، كقوله (وأزلفت الجنة للمتقين).
ولما ذكر الله تعالى هذه الأمور الاثني عشر ذكر الجزاء المرتب على الشرط الذي هو مجموع هذه الأشياء فقال (علمت نفس ما أحضرت) ومن المعلوم أن العمل لا يمكن احضاره، فالمراد إذن ما أحضرته في صحائفها، وما أحضرته عند المحاسبة، وعند الميزان من آثار تلك الأعمال، والمراد: من أحضرت من استحقاق الجنة والنار (فإن قيل) كل نفس تعلم ما أحضرت، لقوله