فلما حللت به ضمني * فأولى جميلا وأعطى حسابا أي أعطى ما كفى والوجه الثاني: أن قوله: حسابا مأخوذ من حسبت الشيء إذا أعددته وقدرته فقوله: * (عطاء حسابا) * أي بقدر ما وجب له فيما وعده من الإضعاف، لأنه تعالى قدر الجزاء على ثلاثة أوجه، وجه منها على عشرة أضعاف، ووجه على سبعمائة ضعف، ووجه على مالا نهاية له، كما قال: * (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) * (الزمر: 10)، الوجه الثالث: وهو قول ابن قتيبة: * (عطاء حسابا) * أي كثيرا وأحسبت فلانا أي أكثرت له، قال الشاعر: ونقفي وليد الحي إن كان جائعا * ونحسبه إن كان ليس بجائع الوجه الرابع: أنه سبحانه يوصل الثواب الذي هو الجزاء إليهم ويوصل التفضل الذي يكون زائدا على الجزء إليهم، ثم قال: * (حسابا) * ثم يتميز الجزاء عن العطاء حال الحساب الوجه الخامس: أنه تعالى لما ذكر في وعيد أهل النار: * (جزاء وفاقا) * ذكر في وعد أهل الجنة جزاء عطاء حسابا أي راعيت في ثواب أعمالكم الحساب، لئلا يقع في ثواب أعمالكم بخس ونقصان وتقصير والله أعلم بمراده.
المسألة الرابعة: قرأ ابن قطيب: * (حسابا) * بالتشديد على أن الحساب بمعنى المحسب كالدراك بمعنى المدرك، هكذا ذكره صاحب " الكشاف ".
* (رب السماوات والارض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا) *.
واعلم أنه تعالى لما بالغ في وصف وعيد الكفار ووعد المتقين، ختم الكلام في ذلك بقوله: * (رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: رب السماوات والرحمن، فيه ثلاثة أوجه من القراءة الرفع فيهما وهو قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو، والجر فيهما وهو قراءة عاصم وعبد الله بن عامر، والجر في الأول مع الرفع في الثاني، وهو قراءة حمزة والكسائي، وفي الرفع وجوه أحدها: أن يكون رب السماوات مبتدأ، والرحمن خبره، ثم استؤنف لا يملكون منه خطابا وثانيها: رب السماوات مبتدأ، والرحمن صفة ولا يملكون خبره وثالثها: أن يضمر المبتدأ والتقدير هو: * (رب السماوات) * هو الرحمن ثم استؤنف: * (لا يملكون) * ورابعها: أن يكون * (الرحمن) * و * (لا يملكون) * خبرين وأما وجه الجر فعلى البدل من ربك، وأما وجه جر الأول، ورفع الثاني فجر الأول بالبدل من ربك، والثاني مرفوع بكونه مبتدأ وخبره لا يملكون.
المسألة الثانية: الضمير في قوله: * (ويملكون) * إلى من يرجع؟ فيه ثلاثة أقوال: الأول: نقل عطاء عن ابن عباس إنه راجع إلى المشركين يريد لا يخاطب المشركون أما المؤمنون فيشفعون يقبل الله ذلك منهم والثاني: قال القاضي: إنه راجع إلى المؤمنين، والمعنى أن المؤمنين لا يملكون