البيض وخامسها: أنه يتلوها في كبر الجرم بحسب الحس، وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته، ولقد ظهر في علم النجوم أن بينهما من المناسبة ما ليس بين الشمس وبين غيرها.
* (والنهار إذا جلاها) *.
معنى التجلية الإظهار، والكشف والضمير في جلاها إلى ماذا يعود؟ فيه وجهان أحدهما: وهو قول الزجاج: أنه عائد إلى الشمس وذلك لأن النهار عبارة عن نور الشمس. فكلما كان النهار أجلى ظهورا كانت الشمس أجلى ظهورا، لأن قوة الأثر وكماله تدل على قوة المؤثر، فكان النهار يبرز الشمس ويظهرها، كقوله تعالى: * (لا يجليها لوقتها إلا هو) * أي لا يخرجها الثاني: وهو قول الجمهور - أنه عائد إلى الظلمة، أو إلى الدنيا، أو إلى الأرض. وإن لم يجر لها ذكر، يقولون: أصبحت باردة يريدون الغداة، وأرسلت يريدون السماء.
* (واليل إذا يغشاها) *.
يعني يغشى الليل الشمس فيزيل ضوءها، وهذه الآية تقوي القول الأول في الآية التي قبلها من وجهين الأول: إنه لما جعل الليل يغشى الشمس ويزيل ضوءها حسن أن يقال: النهار يجليها، على ضد ما ذكر في الليل والثاني: أن الضمير في يغشاها للشمس بلا خلاف، فكذا في جلاها يجب أن يكون للشمس حتى يكون الضمير في الفواصل من أول السورة إلى ههنا للشمس، قال القفال: وهذه الأقسام الأربعة ليست إلا بالشمس في الحقيقة لكن بحسب أوصاف أربعة أولها: الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار. وذلك هو الوقت الذي يكمل فيه انتشار الحيوان واضطراب الناس للمعاش، ومنها تلو القمر لها وأخذه الضوء عنها، ومنها تكامل طلوعها وبروزها بمجيء النهار، ومنها وجود خلاف ذلك بمجيء الليل، ومن تأمل قليلا في عظمة الشمس ثم شاهد بعين عقله فيها أثر المصنوعية والمخلوقية من المقدار المتناهي، والتركب من الأجزاء انتقل منه إلى عظمة خالقها، فسبحانه ما أعظم شأنه.
* (والسمآء وما بناها) *.
فيه سؤالات:
السؤال الأول: أن الذي ذكره صاحب " الكشاف " من أن * (ما) * ههنا لو كانت مصدرية لكان عطف * (فألهمها) * عليه يوجب فساد النظم حق، والذي ذكره القاضي من أنه لو كان هذا قسما بخالق السماء، لما كان يجوز تأخيره عن ذكر الشمس، فهو إشكال جيد، والذي يخطر ببالي في الجواب عنه: أن أعظم المحسوسات هو الشمس، فذكرها سبحانه مع أوصافها الأربعة الدالة على عظمتها، ثم ذكر ذاته المقدسة بعد ذلك ووصفها بصفات ثلاثة وهي تدبيره سبحانه للسماء والأرض وللمركبات، ونبه على المركبات بذكر أشرفها وهي النفس، والغرض من هذا الترتيب هو أن يتوافق العقل والحس على عظمة جرم الشمس ثم يحتج العقل الساذج بالشمس، بل بجميع السماويات والأرضيات والمركبات على إثبات مبدئ لها، فحينئذ يحظى العقل ههنا بإدراك