ويقيمون رويدا مقامه كما يفعلون بسائر النعوت المتمكنة، ومن ذلك قول العرب: ضعه رويدا أي وضعا رويدا، وتقول للرجل: يعالج الشيء الشيء رويدا، أي علاجا رويدا، ويجوز في هذا الوجه أمران أحدهما: أن يكون رويدا حالا والثاني: أن يكون نعتا فإن أظهرت المنعوت لم يجز أن يكون للحال، والذي في الآية هو ما ذكرنا في الوجه الثالث، لأنه يجوز أن يكون نعتا للمصدر كأنه قيل: إمهالا رويدا، ويجوز أن يكون للحال أي أمهلهم غير مستعجل.
المسألة الثانية: منهم من قال: * (أمهلهم رويدا) * إلى يوم القيامة وإنما صغر ذلك من حيث علم أن كل ما هو آت قريب، ومنهم من قال: * (أمهلهم رويدا) * إلى يوم بدر والأول أولى، لأن الذي جرى يوم بدر وفي سائر الغزوات لا يعم الكل، وإذا حمل على أمر الآخرة عم الكل، ولا يمتنع مع ذلك أن يدخل في جملته أمر الدنيا، مما نالهم يوم بدر وغيره، وكل ذلك زجر وتحذير للقوم، وكما أنه تحذير لهم فهو ترغيب في خلاف طريقهم في الطاعات، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.