في المسألة الأولى أنه يمكن أن يكون الأمر واردا بتسبيح الاسم، ويمكن أن يكون المراد تسبيح المسمى وذكر الاسم صلة فيه. ويمكن أن يكون المراد سبح باسم ربك كما يقال: * (فسبح باسم ربك العظيم) * (الواقعة: 74) ويكون المعنى سبح ربك بذكر أسمائه.
المسألة الثالثة: روى عن عقبة بن عامر أنه لما نزل قوله تعالى: * (فسبح باسم ربك العظيم) * قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في ركوعكم " ولما نزل قوله: * (سبح اسم ربك الأعلى) * قال: " اجعلوها في سجودكم " ثم روي في الأخبار أنه عليه السلام كان يقول: في ركوعه: " سبحان ربي العظيم " وفي سجوده: " سبحان ربي الأعلى " ثم من العلماء من قال: إن هذه الأحاديث تدل على أن المراد من قوله: * (سبح اسم ربك) * أي صل باسم ربك، ويتأكد هذا الاحتمال بإطباق المفسرين على أن قوله تعالى: * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) * (الروم: 17) ورد في بيان أوقات الصلاة.
المسألة الرابعة: قرأ علي عليه السلام وابن عمر: سبحان ربي الأعلى * الذي خلق فسوى ولعل الوجه فيه أن قوله: * (سبح) * أمر بالتسبيح فلا بد وأن يذكر ذلك التسبيح وما هو إلا قوله: * (سبحان ربي الأعلى) *.
المسألة الخامسة: تمسكت المجسمة في إثبات العلو بالمكان بقوله: * (ربك الأعلى) * والحق أن العلو بالجهة على الله تعالى محال، لأنه تعالى إما أن يكون متناهيا أو غير متناه، فإن كان متناهيا كان طرفه الفوقاني متناهيا، فكان فوقه جهة فلا يكون هو سبحانه أعلى من جميع الأشياء وأما إن كان غير متناه فالقول: بوجود أبعاد غير متناهية محال وأيضا فلأنه إن كان غير متناه من جميع الجهات يلزم أن تكون ذاته تعالى مختلطة بالقاذورات تعالى الله عنه، وإن كان غير متناه من بعض الجهات ومتناهيا من بعض الجهات كان الجانب المتناهي مغايرا للجانب غير المتناهي فيكون مركبا من جزأين، وكل مركب ممكن، فواجب الوجود لذاته ممكن الوجود، هذا محال. فثبت أن العلو ههنا ليس بمعنى العلو في الجهة، مما يؤكد ذلك أن ما قبل هذه الآية وما بعدها ينافي أن يكون المراد هو العلو بالجهة، أما قبل الآية فلأن العلو عبارة عن كونه في غاية البعد عن العالم، وهذا لا يناسب استحقاق التسبيح والثناء والتعظيم، أما العلو بمعنى كمال القدرة والتفرد بالتخليق والإبداع فيناسب ذلك، والسورة ههنا مذكورة لبيان وصفه تعالى بما لأجله يستحق الحمد والثناء والتعظيم، وأما ما بعد هذه الآية فلأنه أردف قوله: * (الأعلى) * بقوله: * (الذي خلق فسوى) * والخالقية تناسب العلو بحسب القدرة لا العلو بحسب الجهة.
المسألة السادسة: من الملحدين من قال: بأن القرآن مشعر بأن للعالم ربين أحدهما عظيم والآخر أعلى منه، أما العظيم فقوله: * (فسبح باسم ربك العظيم) * وأما الأعلى منه فقوله: * (سبح اسم ربك الأعلى) * فهذا يقتضي وجود رب آخر يكون هذا أعلى بالنسبة إليه.
واعلم أنه لما دلت الدلائل على أن الصانع تعالى واحد سقط هذا السؤال، ثم نقول ليس في