بل هو محمول على عمومه، فكل من شرع في باطل، فهو يستحق الذم والعذاب سواء حسب كونه حقا، أو لم يحسب ذلك، وهذا الآية تدل على أن مجرد الظن والحسبان لا يكفي في صحة الدين، بل لا بد فيه من الجزم والقطع واليقين، لأنه تعالى عاب الكفار بأنهم يحسبون كونهم مهتدين، ولولا أن هذا الحسبان مذموم، وإلا لما ذمهم بذلك. والله أعلم.
* (يا بنى ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين * قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين ءامنوا فى الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) *.
اعلم أن الله تعالى لما أمر بالقسط في الآية الأولى، وكان من جملة القسط أمر اللباس وأمر المأكول والمشروب، لا جرم أتبعه بذكرهما، وأيضا لما أمر بإقامة الصلاة في قوله: * (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد) * (الأعراف: 29) وكان ستر العورة شرطا لصحة الصلاة. لا جرم أتبعه بذكر اللباس وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال ابن عباس: أن أهل الجاهلية من قبائل العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة. الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانوا إذا وصلوا إلى مسجد منى، طرحوا ثيابهم وأتوا المسجد عراة. وقالوا: لا نطوف في ثياب أصبنا فيها الذنوب، ومنهم من يقول: نفعل ذلك تفاؤلا حتى نتعرى عن الذنوب كما تعرينا عن الثياب، وكانت المرأة منهم تتخذ سترا تعلقه على حقويها، لتستتر به عن الحمس، وهم قريش، فإنهم كانوا لا يفعلون ذلك، وكانوا يصلون في ثيابهم، ولا يأكلون من الطعام إلا قوتا، ولا يأكلون دسما، فقال المسلمون: يا رسول الله فنحن أحق أن نفعل ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية، أي: " البسوا ثيابكم وكلوا اللحم والدسم واشربوا ولا تسرفوا ".
المسألة الثانية: المراد من الزينة لبس الثياب، والدليل عليه. قوله تعالى: * (ولا يبدين زينتهن) * (النور: 31)