لتكرار اللفظ، فصار " مهما " هذا قول الخليل والبصريين. والثاني: وهو قول الكسائي الأصل " مه " التي بمعنى الكف، أي أكفف دخلت على " ما " التي للجزاء كأنهم قالوا أكفف ما تأتنا به من آية فهو كذا وكذا.
المسألة الثانية: قال ابن عباس: أن القوم لما قالوا لموسى: مهما أتيتنا بآية من ربك، فهي عندنا من باب السحر، ونحن لا نؤمن بها البتة، وكان موسى عليه السلام رجلا حديدا، فعند ذلك دعا عليهم فاستجاب الله له، فأرسل عليهم الطوفان الدائم ليلا ونهارا سبتا إلى سبت، حتى كان الرجل منهم لا يرى شمسا ولا قمرا ولا يستطيع الخروج من داره وجاءهم الغرق، فصرخوا إلى فرعون واستغاثوا به، فأرسل إلى موسى عليه السلام وقال: اكشف عنا العذاب فقد صارت مصر بحرا واحدا، فإن كشفت هذا العذاب آمنا بك، فأزال ا لله عنهم المطر وأرسل الرياح فجففت الأرض، وخرج من النبات ما لم يروا مثله قط. فقالوا: هذا الذي جزعنا منه خير لنا لكنا لم نشعر. فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل فنكثوا العهد، فأرسل الله عليهم الجراد، فأكل النبات وعظم الأمر عليهم حتى صارت عند طيرانها تغطي الشمس، ووقع بعضها على بعض في الأرض ذراعا، فأكلت النبات، فصرخ أهل مصر، فدعا موسى عليه السلام فأرسل الله تعالى ريحا فاحتملت الجراد فألقته في البحر، فنظر أهل مصر إلى أن بقية من كلئهم وزرعهم تكفيهم. فقالوا: هذا الذي بقي يكفينا ولا نؤمن بك. فأرسل الله بعد ذلك عليهم القمل، سبتا إلى سبت، فلم يبق في أرضهم عود أخضر إلا أكلته، فصاحوا وسأل موسى عليه السلام ربه، فأرسل الله عليها ريحا حارة فأحرقتها، واحتملتها الريح فألقتها في البحر، فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الضفادع بعد ذلك فخرج من البحر مثل الليل الدامس ووقع في الثياب والأطعمة، فكان الرجل منهم يسقط وعلى رأسه ذراع من الضفادع، فصرخوا إلى موسى عليه السلام، وحلفوا بإلهه لئن رفعت عنا هذا العذاب لنؤمنن بك، فدعا الله تعالى فأمات الضفادع، وأرسل عليها المطر فاحتملها إلى البحر، ثم أظهروا الكفر والفساد، فأرسل الله عليهم الدم فجرت أنهارهم دما فلم يقدروا على الماء العذب، وبنو إسرائيل يجدون الماء العذب الطيب حتى بلغ منهم الجهد، فصرخوا وركب فرعون وأشراف قومه إلى أنهار بني إسرائيل فجعل يدخل الرجل منهم النهر فإذا اغترف صار في يده دما ومكثوا سبعة أيام في ذل لا يشربون إلا الدم. فقال فرعون: * (لئن كشفت عنا الرجز) * (الأعراف: 134) إلى آخر الآية، فهذا هو القول المرضي عند أكثر المفسرين، وقد وقع في أكثرها اختلافات. أما الطوفان، فقال الزجاج: الطوفان من كل شيء ما كان كثيرا محيطا مطبقا بالقوم كلهم، كالغرق الذي يشمل المدن الكثيرة،