فكل ما ورد به خبر صحيح فهو مقبول. وما لا فلا، وقوله أنه كان يضرب بها الأرض فتخرج النبات ضعيف، لأن القرآن يدل على أن موسى عليه السلام، كان يفزع إلى العصا في الماء الخارج من الحجر، وما كان يفزع إليها في طلب الطعام.
أما قوله: * (فظلموا بها) * أي فظلموا بالآيات التي جاءتهم، لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه. فلما كانت تلك الآيات قاهرة ظاهرة، ثم إنهم كفروا بها فوضعوا الإنكار في موضع الإقرار والكفر في موضع الإيمان، كان ذلك ظلما منهم على تلك الآيات.
ثم قال: * (فانظر) * أي بعين عقلك * (كيف كان عاقبة المفسدين) * وكيف فعلنا بهم.
* (وقال موسى يا فرعون إنى رسول من رب العالمين * حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معى بنى إسراءيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بهآ إن كنت من الصادقين) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه كان يقال لملوك مصر: الفراعنة، كما يقال لملوك فارس: الأكاسرة، فكأنه قال: يا ملك مصر، وكان اسمه قايوس، وقيل: الوليد بن مصعب بن الريان.
المسألة الثانية: قوله: * (إني رسول من رب العالمين) * فيه إشارة إلى ما يدل على وجود الإله تعالى. فإن قوله: * (رب العالمين) * يدل على أن العالم موصوف بصفات لأجلها افتقر إلى رب يربيه، وإله يوجده ويخلقه.
ثم قال: * (حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق) * والمعنى أن الرسول لا يقول إلا الحق، فصار نظم الكلام. كأنه قال: أنا رسول الله، ورسول الله لا يقول إلا الحق، ينتج أني لا أقول إلا الحق، ولما كانت المقدمة الأولى خفية، وكانت المقدمة الثانية جلية ظاهرة، ذكر ما يدل على صحة المقدمة الأولى، وهو قوله: * (قد جئتكم ببينة من ربكم) * وهي المعجزة الظاهرة القاهرة. ولما قرر رسالة نفسه فرع عليه تبليغ الحكم، وهو قوله: * (فأرسل معي بني إسرائيل) * ولما سمع فرعون هذا