وأجاب عنه مثبتو القياس: بأن كون القياس حجة ثبت بإجماع الصحابة والإجماع دليل قاطع وما ذكرتموه تمسك بظاهر العموم، وهو دليل مظنون والقاطع أولى من المظنون.
وأجاب: الأولون بأنكم أثبتم أن الإجماع حجة بعموم قوله: * (ويتبع غير سبيل المؤمنين) * (النساء: 115) وعموم قوله: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) * (البقرة: 143) وعموم قوله: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) * (آل عمران: 110) وبعموم قوله عليه الصلاة والسلام: " لا تجتمع أمتي على الضلالة " وعلى هذا فإثبات كون الإجماع حجة، فرع عن التمسك بالعمومات، والفرع لا يكون أقوى من الأصل.
فأجاب مثبتو القياس: بأن الآيات والأحاديث والإجماع لما تعاضدت في أثبات القياس قويت القوة وحصل الترجيح. والله أعلم.
المسألة الثالثة: الحشوية الذين ينكرون النظر العقلي والبراهين العقلية، تمسكوا بهذه الآية وهو بعيد لأن العلم بكون القرآن حجة موقوف على صحة التمسك بالدلائل العقلية، فلو جعلنا القرآن طاعنا في صحة الدلائل العقلية لزم التناقض وهو باطل.
المسألة الرابعة: قرأ ابن عامر * (قليلا ما يتذكرون) * (النمل: 62) بالياء تارة والتاء أخرى. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالتاء وتخفيف الذال، والباقون بالتاء وتشديد الذال. قال الواحدي رحمه الله: تذكرون أصله تتذكرون فأدغم تاء تفعل في الذال لأن التاء مهموسة، والذال مجهورة والمجهور أزيد صوتا من المهموس، فحسن إدغام الأنقص في الأزيد، وما موصولة بالفعل وهي معه بمنزلة المصدر. فالمعنى: قليلا تذكركم، وأما قراءة ابن عامر * (يتذكرون) * بياء وتاء فوجهها أن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي قليلا ما يتذكر هؤلاء الذين ذكروا بهذا الخطاب، وأما قراءة حمزة والكسائي وحفص، خفيفة الذال شديدة الكاف، فقد حذفوا التاء التي أدغمها الأولون، وذلك حسن لاجتماع ثلاثة أحرف متقاربة والله أعلم. قال صاحب " الكشاف ": وقرأ مالك بن دينار ولا تبتغوا من الابتغاء من قوله تعالى: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا) * (آل عمران: 85).
* (وكم من قرية أهلكناها فجآءها بأسنا بياتا أو هم قآئلون * فما كان دعواهم إذ جآءهم بأسنآ إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين) *.