كتاب واحد، واليهود تكفر النصارى.
والقول الثاني: أن المراد من الآية أخذوا ببعض وتركوا بعضا، كما قال تعالى: * (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) * (البقرة: 85) وقال أيضا: * (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض) *.
والقول الثالث: قال مجاهد: إن الذين فرقوا دينهم من هذه الأمة، هم أهل البدع والشبهات واعلم أن المراد من الآية الحث على أن تكون كلمة المسلمين واحدة، وأن لا يتفرقوا في الدين ولا يبتدعوا البدع وقوله: * (لست منهم في شيء) * فيه قولان: الأول: أنت منهم بريء وهم منك برآء وتأويله: إنك بعيد عن أقوالهم ومذاهبهم، والعقاب اللازم على تلك الأباطيل مقصور عليهم ولا يتعداهم. والثاني: لست من قتالهم في شيء. قال السدي: يقولون لم يؤمر بقتالهم، فلما أمر بقتالهم نسخ، وهذا بعيد، لأن المعنى لست من قتالهم في هذا الوقت في شيء، فورد الأمر بالقتال في وقت آخر لا يوجب النسخ.
ثم قال: * (إنما أمرهم إلى الله) * أي فيما يتصل بالإمهال والأنظار، والاستئصال والإهلاك * (ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) * والمراد الوعيد.
قوله تعالى * (من جآء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جآء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قال بعضهم: الحسنة قول لا إله إلا الله، والسيئة هي الشرك، وهذا بعيد بل يجب أن يكون محمولا على العموم إما تمسكا باللفظ وإما لأجل أنه حكم مرتب على صف مناسب له فيقتضي كون الحكم معللا بذلك الوصف. فوجب أن يعم لعموم العلة.
المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه الله: حذفت الهاء من عشر والأمثال جمع مثل، والمثل مذكر لأنه أريد عشر حسنات أمثالها، ثم حذفت الحسنات وأقيمت الأمثال التي هي صفتها مقامها وحذف الموصوف كثير في الكلام، ويقوي هذا قراءة من قرأ عشر أمثالها بالرفع والتنوين.
المسألة الثالثة: مذهبنا أن الثواب تفضل من الله تعالى في الحقيقة، وعلى هذا التقدير فلا إشكال في الآية، أما المعتزلة فهم فرقوا بين الثواب والتفضل بأن الثواب هو المنفعة المستحقة