علته، ثم بين تعالى أن الذين كذبوا بهذه الآيات التي يجيء بها الرسل * (واستكبروا) * أن أنفوا من قبولها وتمردوا عن التزامها * (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * وقد تمسك أصحابنا بهذه الآية على أن الفاسق من أهل الصلاة، لا يبقى مخلدا في النار، لأنه تعالى بين أن المكذبين بآيات الله والمستكبرين عن قبولها، هم الذين يبقون مخلدين في النار، وكلمة * (هم) * تفيد الحصر، فذلك يقتضي أن من لا يكون موصوفا بذلك التكذيب والاستكبار، لا يبقى مخلدا في النار. والله أعلم.
* (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جآءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) *.
اعلم أن قوله تعالى: * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته) * يرجع إلى قوله والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها وقوله: * (فمن أظلم) * أي فمن أعظم ظلما ممن يقول على الله ما لم يقله أو كذب ما قاله. والأول: هو الحكم بوجود ما لم يوجد. والثاني: هو الحكم بإنكار ما وجد. والأول دخل فيه قول من أثبت الشريك لله سواء كان ذلك الشريك عبارة عن الأصنام أو عن الكواكب أو عن مذهب القائلين بيزدان وأهرمن. ويدخل فيه قول من أثبت البنات والبنين لله تعالى، ويدخل فيه قول من أضاف الأحكام الباطلة إلى الله تعالى. والثاني: يدخل فيه قول من أنكر كون القرآن كتابا نازلا من عند الله تعالى. وقول من أنكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى: * (أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب) * واختلفوا في المراد بذلك النصيب على قولين: أحدهما: أن المراد منه العذاب، والمعنى ينالهم ذلك العذاب المعين الذي جعله نصيبا لهم في الكتاب، ثم اختلفوا في ذلك العذاب المعين. فقال بعضهم هو سواد الوجه وزرقة العين، والدليل عليه قوله تعالى: * (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) * (الزمر: 60) وقال الزجاج: