* (قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبمآ أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمآئلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: قوله تعالى: * (قال أنظرني إلى يوم يبعثون) * يدل على أنه طلب الإنظار من الله تعالى إلى وقت البعث وهو وقت النفخة الثانية حين يقوم الناس لرب العالمين. ومقصوده أنه لا يذوق الموت فلم يعطه الله تعالى ذلك. بل قال إنك من المنظرين ثم ههنا قولان: الأول: أنه تعالى أنظره إلى النفخة الأولى لأنه تعالى قال في آية أخرى: * (إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) * (الحجر: 37، 38) والمراد منه اليوم الذي يموت فيه الأحياء كلهم، وقال آخرون: لم يوقت الله له أجلا بل قال: * (إنك من المنظرين) * وقوله في الأخرى: * (إلى يوم الوقت المعلوم) * المراد منه. الوقت المعلوم في علم الله تعالى. قالوا: والدليل على صحة هذا القول أن إبليس كان مكلفا والمكلف لا يجوز أن يعلم أن الله تعالى أخر أجله إلى الوقت الفلاني لأن ذلك المكلف يعلم أنه متى تاب قبلت توبته فإذا علم أن وقت موته هو الوقت الفلاني أقدم على المعصية بقلب فارغ، فإذا قرب وقت أجله تاب عن تلك المعاصي. فثبت أن تعريف وقت الموت بعينه يجري مجرى الإغراء بالقبيح، وذلك غير جائز على الله تعالى.
وأجاب الأولون: بأن تعريف الله عز وجل كونه من المنظرين إلى يوم القيامة لا يقتضي إغراءه بالقبيح لأنه تعالى كان يعلم منه أنه يموت على أقبح أنواع الكفر والفسق سواء أعلمه بوقت موته أو لم يعلمه بذلك، فلم يكن ذلك الإعلام موجبا إغراءه بالقبيح، ومثاله أنه تعالى عرف أنبياءه أنهم يموتون على الطهارة والعصمة، ولم يكن ذلك موجبا إغراءهم بالقبيح لأجل أنه تعالى علم منهم سواء عرفهم تلك الحالة أو لم يعرفهم هذه الحالة أنهم يموتون على الطهارة والعصمة. فلما كان