المشركون، وذلك لأن المناظرة المتقدمة إنما وقعت بين أهل الجنة وبين الكفار، بدليل أن قول أهل الجنة هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ لا يليق ذكره إلا مع الكفار.
وإذا ثبت هذا فقول المؤذن بعده * (أن لعنة الله على الظالمين) * يجب أن يكون منصرفا إليهم، فثبت أن المراد بالظالمين ههنا، المشركون، وأيضا أنه وصف هؤلاء الظالمين بصفات ثلاثة. هي مختصة بالكفار وذلك يقوي ما ذكرناه، وقال القاضي المراد منه، كل من كان ظالما سواء كان كافرا أو كان فاسقا تمسكا بعموم اللفظ.
الصفة الثانية: قوله: * (الذين يصدون عن سبيل الله) * ومعناه: أنهم يمنعون الناس من قبول الدين الحق، تارة بالزجر والقهر، وأخرى بسائر الحيل.
والصفة الثالثة: قوله: * (ويبغونها عوجا) * والمراد منه إلقاء الشكوك والشبهات في دلائل الدين الحق.
والصفة الرابعة: قوله: * (وهم بالآخرة كافرون) * واعلم أنه تعالى لما بين أن تلك اللعنة إنما أوقعها ذلك المؤذن على الظالمين الموصوفين بهذه الصفات الثلاثة، كان ذلك تصريحا بأن تلك اللعنة ما وقعت إلا على الكافرين، وذلك يدل على فساد ما ذكره القاضي من أن ذلك اللعن يعم الفاسق والكافر. والله أعلم.
* (وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقآء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) *.
اعلم أن قوله: * (وبينهما حجاب) * يعني بين الجنة والنار أو بين الفريقين، وهذا الحجاب هو المشهور المذكور في قوله: * (فضرب بينهم بسور له باب) * (الحديد: 13).
فإن قيل: وأي حاجة إلى ضرب هذا السور بين الجنة والنار؟ وقد ثبت أن الجنة فوق السماوات