الأرض) * إلى قوله: * (ما كانوا يحذرون) * (القصص: 6) والحسنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة، ومعنى تمت على بني إسرائيل، مضت عليهم واستمرت، من قولهم تم عليك الأمر إذا مضى عليك. وقيل: معنى تمام الكلمة الحسنى إنجاز الوعد الذي تقدم بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض، وإنما كان الإنجاز تماما للكلام لأن الوعد بالشيء يبقى كالشئ المعلق. فإذا حصل الموعود به فقد تم لك الوعد وكمل وقوله: * (بما صبروا) * أي إنما حصل ذلك التمام بسبب صبرهم، وحسبك به حاثا على الصبر، ودالا على أن من قابل البلاء بالجزع وكله الله إليه، ومن قابله بالصبر وانتظار النصر ضمن الله له الفرج، وقرأ عاصم في رواية * (وتمت كلمات ربك الحسنى) * ونظيره * (من آيات ربه الكبرى) * (النجم: 18) وقوله: * (ودمرنا) * قال الليث: الدمار الهلاك التام. يقال: دمر القوم يدمرون دمارا أي هلكوا، وقوله: * (ما كان يصنع فرعون وقومه) * قال ابن عباس يريد الصانع * (وما كانوا يعرشون) * قال الزجاج: يقال عرش يعرش ويعرش إذا بني، قيل: وما كانوا يعرشون من الجنات، ومنه قوله تعالى: * (جنات معروشات) * (الأنعام: 141) وقيل: * (وما كانوا يعرشون) * يرفعون من الأبنية المشيدة في السماء، كصرح هامان وفرعون. وقرئ يعرشون بالكسر والضم، وذكر اليزيدي أن الكسر أفصح، قال صاحب " الكشاف ": وبلغني أنه قرأ بعض الناس * (يغرسون) * من غرس الأشجار وما أحسبه إلا تصحيفا منه، وهذا آخر ما ذكره الله تعالى من قصة فرعون وقومه وتكذيبهم بآيات الله تعالى.
* (وجاوزنا ببنى إسرءيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا ياموسى جعل لنآ إلها كما لهم ءالهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أنواع نعمه على بني إسرائيل بأن أهلك عدوهم وأورثهم أرضهم وديارهم أتبع ذلك بالنعمة العظمى، وهي أن جاوز بهم البحر مع السلامة، ولما بين تعالى في سائر السور كيف سيرهم في البحر مع السلامة، وذلك بأن فلق البحر عند ضرب موسى البحر بالعصا وجعله يبسا بين أن بني إسرائيل لما شاهدوا قوما يعكفون على عبادة أصنامهم، جهلوا وارتدوا وقالوا: