المسألة الرابعة: الآية تدل على أنه تعالى يحاسب كل عباده، لأنهم لا يخرجون عن أن يكونوا رسلا أو مرسلا إليهم، ويبطل قول من يزعم أنه لا حساب على الأنبياء والكفار.
المسألة الخامسة: الآية تدل على كونه تعالى متعاليا عن المكان والجهة، لأنه تعالى قال: * (وما كنا غائبين) * ولو كان تعالى على العرش لكان غائبا عنا.
فإن قالوا: نحمله على أنه تعالى ما كان غائبا عنهم بالعلم والإحاطة.
قلنا: هذا تأويل والأصل في الكلام حمله على الحقيقة.
فإن قالوا: فأنتم لما قلتم أنه تعالى غير مختص بشيء من الأحياز والجهات، فقد قلتم أيضا بكونه غائبا.
قلنا: هذا باطل لأن الغائب هو الذي يعقل أن يحضر بعد غيبة، وذلك مشروط بكونه مختصا بمكان وجهة، فأما الذي لا يكون مختصا بمكان وجهة وكان ذلك محالا في حقه، امتنع وصفه بالغيبة والحضور، فظهر الفرق والله أعلم.
* (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أن من جملة أحوال القيامة السؤال والحساب، بين في هذه الآية أن من جملة أحوال القيامة أيضا وزن الأعمال، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: * (الوزن) * مبتدأ و * (يومئذ) * ظرف له و * (الحق) * خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون * (يومئذ) * الخبر و * (الحق) * صفة للوزن، أي والوزن الحق، أي العدل يوم يسأل الله الأمم والرسل.
المسألة الثانية: في تفسير وزن الأعمال قولان: الأول: في الخبر أنه تعالى ينصب ميزانا له لسان وكفتان يوم القيامة يوزن به أعمال العباد خيرها وشرها، ثم قال ابن عباس: أما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة، فتوضع في كفة الميزان فتثقل حسناته على سيئاته، فذلك قوله: * (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون) * الناجون قال وهذا كما قال في سورة الأنبياء: * (ونضع