المعنى من هذه الآية استواء هذه الضروب من العذاب، وإن شئت جعلت " أو " ههنا التي لأحد الشيئين، ويكون المعنى: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات، وقوله: * (ضحى) * الضحى صدر النهار، وأصله الظهور من قولهم: ضحا للشمس إذا ظهر لها.
ثم قال تعالى: * (أفأمنوا مكر الله) * وقد سبق تفسير المكر في اللغة، ومعنى المكر في حق الله تعالى في سورة آل عمران عند قوله: * (ومكروا ومكر الله) * (آل عمران: 54) ويدل قوله: * (أفأمنوا مكر الله) * أن المراد أن يأتيهم عذابه من حيث لا يشعرون. قاله على وجه التحذير، وسمي هذا العذاب مكرا توسعا، لأن الواحد منا إذا أراد المكر بصاحبه، فإنه يوقعه في البلاء من حيث لا يشعر به، فسمي العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لا يشعرون، وبين أنه لا يأمن من نزول عذاب الله على هذا الوجه * (إلا القوم الخاسرون) * وهم الذين لغفلتهم وجهلهم لا يعرفون ربهم، فلا يخافونه، ومن هذه سبيله، فهو أخسر الخاسرين في الدنيا والآخرة، لأنه أوقع نفسه في الدنيا في الضرر، وفي الآخرة في أشد العذاب.
* (أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلهآ أن لو نشآء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين فيما تقدم من الآيات حال الكفار الذين أهلكهم الله بالاستئصال مجملا ومفصلا أتبعه ببيان أن الغرض من ذكر هذه القصص حصول العبرة لجميع المكلفين في مصالح أديانهم وطاعاتهم، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اختلف القراء فقرأ بعضهم * (أولم يهد) * بالياء المعجمة من تحتها، وبعضهم بالنون، قال الزجاج: إذا قرىء بالياء المعجمة من تحت كان قوله: * (أن لو نشاء) * مرفوعا بأنه فاعله