ثم قال: * (تتخذون من سهولها قصورا) * أي تبوؤن القصور من سهولة الأرض، فإن القصور إنما تبنى من الطين واللبن والآجر، وهذه الأشياء إنما تتخذ من سهولة الأرض * (وتنحتون من الجبال بيوتا) * (الشعراء: 149) يريد تنحتون بيوتا من الجبال تسقفونها.
فإن قالوا: علام انتصب بيوتا؟
قلنا: على الحال كما يقال: خط هذا الثوب قميصا وأبر هذه القصبة قلما، وهي من الحال المقدرة، لأن الجبل لا يكون بيتا في حال النحت، ولا الثوب والقصبة قميصا، وقلما في حال الخياطة والبري. وقيل: كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء، وهذا يدل على أنهم كانوا متنعمين مترفهين.
ثم قال: * (فاذكروا آلاء الله) * يعني قد ذكرت لكم بعض أقسام ما آتاكم الله من النعم، وذكر الكل طويل. فاذكروا أنتم بعقولكم ما فيها * (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) * قيل المراد منه: النهي عن عقر الناقة، والأولى أن يحمل على ظاهره وهو المنع عن كل أنواع الفساد.
* (قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن ءامن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بمآ أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذى ءامنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنآ إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين) *.