أما قوله تعالى: * (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) * ففيه بحثان:
البحث الأول: الفرق بين الميقات وبين الوقت، أن الميقات ما قدر فيه عمل من الأعمال، والوقت وقت للشيء قدرة مقدر أولا.
والبحث الثاني: قوله: * (أربعين ليلة) * نصب على الحال أي تم بالغا هذا العدد.
وأما قوله: * (وقال موسى لأخيه هارون) * فقوله: * (هارون) * عطف بيان لأخيه وقرئ بالضم على النداء * (اخلفني في قومي) * كن خليفتي فيهم * (وأصلح) * وكن مصلحا أو * (وأصلح) * ما يجب أن يصلح من أمور بني إسرائيل ومن دعاك منهم إلى الإفساد فلا تتبعه ولا تطعه.
فإن قيل: إن هارون كان شريك موسى عليه السلام في النبوة، فكيف جعله خليفة لنفسه، فإن شريك الإنسان أعلى حالا من خليفته ورد الإنسان من المنصب الأعلى إلى الأدون يكون إهانة.
قلنا الأمر وإن كان كما ذكرتم، إلا أنه كان موسى عليه السلام هو الأصل في تلك النبوة.
فإن قيل: لما كان هارون نبيا والنبي لا يفعل إلا الإصلاح، فكيف وصاه بالإصلاح.
قلنا: المقصود من هذا الأمر التأكيد كقوله: * (ولكن ليطمئن قلبي) * (البقرة: 260) والله أعلم.
* (ولما جآء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرنى أنظر إليك قال لن ترانى ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلمآ أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) *.
اعلم أنه تعالى بين الفائدة التي لأجلها حضر موسى عليه السلام الميقات وهي أن كلمه ربه، وفي الآية مسائل شريفة عالية من العلوم الإلهية.