فإن قيل: قوله: * (أو يأتي ربك) * لا يمكن حمله على إثبات أثر من آثار قدرته، لأن على هذا التقدير: يصير هذا عين قوله: * (أو يأتي بعض آيات ربك) * فوجب حمله على أن المراد منه إتيان الرب.
قلنا: الجواب المعتمد أن هذا حكاية مذهب الكفار، فلا يكون حجة، وقيل: يأتي ربك بالعذاب، أو يأتي بعض آيات ربك وهو المعجزات القاهرة.
ثم قال تعالى: * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) * وأجمعوا على أن المراد بهذه الآيات علامات القيامة، عن البراء بن عازب قال: كنا نتذاكر أمر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تتذاكرون؟ قلنا: نتذاكر الساعة قال: " إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، الدخان، ودابة الأرض، وخسفا بالمشرق، وخسفا بالمغرب وخسفا بجزيرة العرب، والدجال. وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، ونزول عيسى، ونار تخرج من عدن " وقوله: * (لم تكن آمنت من قبل) * صفة لقوله: * (نفسا) * وقوله: * (أو كسبت في إيمانها خيرا) * صفة ثانية معطوفة على الصفة الأولى، والمعنى: أن أشراط الساعة إذا ظهرت ذهب أوان التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان نفسا ما آمنت قبل ذلك، وما كسبت في إيمانها خيرا قبل ذلك.
ثم قال تعالى: * (قل انتظروا إنا منتظرون) * وعيد وتهديد.
قوله تعالى * (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنمآ أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) *.
قرأ حمزة والكسائي * (فارقوا) * بالألف والباقون * (فرقوا) * ومعنى القراءتين عند التحقيق واحد لأن الذي فرق دينه بمعنى أنه أقر ببعض وأنكر بعضا، فقد فارقه في الحقيقة، وفي الآية أقوال:
القول الأول: المراد سائر الملل. قال ابن عباس: يريد المشركين بعضهم يعبدون الملائكة ويزعمون أنهم بنات الله، وبعضهم يعبدون الأصنام، ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فهذا معنى فرقوا دينهم وكانوا شيعا، أي فرقا وأحزابا في الضلالة. وقال مجاهد وقتادة: هم اليهود والنصارى، وذلك لأن النصارى تفرقوا فرقا، وكفر بعضهم بعضا، وكذلك اليهود، وهم أهل