* (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم تخذوا الشياطين أوليآء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أمر الأمر بالفحشاء بين تعالى أنه يأمر بالقسط والعدل، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قوله: * (أمر ربي بالقسط) * يدل على أن الشيء يكون في نفسه قسطا لوجوه: عائدة إليه في ذاته، ثم أنه تعالى يأمر به لكونه كذلك في نفسه، وذلك يدل أيضا على أن الحسن إنما يحسن لوجوه عائدة إليه، وجوابه ما سبق ذكره.
المسألة الثانية: قال عطاء، والسدي * (بالقسط) * بالعدل وبما ظهر في المعقول كونه حسنا صوابا. وقال ابن عباس: هو قول لا إله إلا الله، والدليل عليه قوله: * (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط) * (آل عمران: 18) وذلك القسط ليس إلا شهادة أن لا إله إلا الله. فثبت أن القسط ليس إلا قول لا إله إلا الله.
إذا عرفت هذا فنقول: إنه تعالى أمر في هذه الآية بثلاثة أشياء. أولها: أنه أمر بالقسط، وهو قول: لا إله إلا الله. وهو يشتمل على معرفة الله تعالى بذاته وأفعاله وأحكامه، ثم على معرفة أنه واحد لا شريك له. وثانيها: أنه أمر بالصلاة وهو قوله: * (وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد) * وفيه مباحث:
البحث الأول: أنه لقائل أن يقول: * (أمر ربي بالقسط) * خبر وقوله: * (وأقيموا وجوهكم) * أمر وعطف الأمر على الخبر لا يجوز. وجوابه التقدير: قل أمر ربي بالقسط. وقل: أقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين.
البحث الثاني: في الآية قولان: أحدهما: المراد بقوله: * (أقيموا) * هو استقبال القبلة. والثاني: أن المراد هو الإخلاص، والسبب في ذكر هذين القولين، أن إقامة الوجه في العبادة قد