منهم قيل لهم: فما أنكرتم أيضا أن يكلف على ألسنة الرسل من علم أنه يكفر ولا ينتفع إذا قصد بذلك تعريضه لنفع لا يصل إليه إلا بالتكليف السمعي وإن علم أنه يخالف ولا يقبل فإن قالوا علمه بأنه لا يقبل يمنع من حسن النظر له بإنفاذ الرسل إليه قيل لهم وكذلك علمه بأنه لا يقبل حجج العقول ولا ينظر ولا يختار إلا الإلحاد وفعل الظلم والعدوان يمنع من حسن النظر له بإقامة حجة العقل عليه وتكليف المصير إليها ولا جواب لهم عن ذلك.
قول آخر لهم فإن قالوا: الدليل على فساد الرسالة قبح السعي بين الصفا والمروة والطواف بالبيت وتقبيل الحجر والجوع والعطش في أيام الصيام والمنع من فعل الملاذ التي تصلح الأجسام وأنه لا فرق بين البيت الحرام وبين غيره وبين الصفا والمروة وبين غيرها من البقاع وبين عرفة وبين غيرها فثبت أن ذلك أجمع ليس من أوامر الحكيم سبحانه يقال لهم ما أنكرتم أن يكون ذلك أجمع حكمة إذا علم الله سبحانه أن فعله والتعبد به صلاح لكثير من خلقه وداع لهم إلى فعل توحيده والثناء عليه بصفاته وما هو أهله وغير ذلك مما ينالون به جزيل ثوابه وأن يكون ذلك بمنزلة حسن ركوب البحر وقطع المهمة القفر في طلب الرفد والربح وبمنزلة عدو الإنسان بجهده