وطاقته في الحزن والوعر من الأرض خوفا من السبع وممن يريد قتله وسفك دمه ظلما وأخذ ماله وقبح ذلك منه إذا لم يفعله لاجتلاب منفعة ولا دفع مضرة.
وأما قولكم إنه لا فرق بين الصفا والمروة والسعي بينهما وبين غيرهما ولا بين البيت الحرام وبين غيره فهو كما وصفتم ولو شاء الله أن يتعبد بالسعي في كل بقعة والتوجه إلى كل جهة لساغ ذلك منه إذا عرض به لثوابه ولم يكن ذلك ناقضا لحكمته ويقال لهم وكذلك لم تجدوا حكيما بنى أحسن البنيان وصور أكمل الصور وأشرفها ثم نقضها وهدم صورها وقبحها وذهب ببهجتها وشوه خلقها فإن قالوا إذا كان في ذلك مصلحة المخلوق جاز تغيير خلقه وقلب صفته ومحو محاسنه قيل لهم وكذلك إذا كان صوم النهار وقيام الليل وتقبيل الحجر والطواف والسعي ورمي الجمار يعود بصلاح المكلف حسن تكليفه وكان ذلك أحسن في العقل إن كان فيه حسن من إتلاف نفس المكلف وإبطال حياته وهدم صورته ومحو محاسنه وإبطال عقله وحواسه ولا جواب لهم عن ذلك.
علة أخرى لهم وإن قالوا: الدليل على منع إرسال الرسل والغنى عنهم أن الله سبحانه أكمل العقول وحسن فيها الحسن وقبح فيها القبيح وجعلها دلالة