باب الكلام على المجسمة إن قال قائل: لم أنكرتم أن يكون القديم سبحانه جسما؟ قيل له: لما قدمناه من قبل وهو أن حقيقة الجسم أنه مؤلف مجتمع بدليل قولهم رجل جسيم وزيد أجسم من عمرو وعلما بأنهم يقصرون هذه المبالغة على ضرب من ضروب التأليف في جهة العرض والطول ولا يوقعونها بزيادة شيء من صفات الجسم سوى التأليف فلما لم يجز أن يكون القديم مجتمعا مؤتلفا وكان شيئا واحدا ثبت أنه تعالى ليس بجسم.
فإن قالوا: ومن أين استحال أن يكون القديم مجتمعا مؤتلفا؟ قيل لهم: من وجوه:
أحدها أن ذلك لو جاز عليه لوجب أن يكون ذا حيز وشغل في الوجود وأن يستحيل أن يماس كل بعض من أبعاضه وجزء من أجزائه غير ما ماسه من الأبعاض وأجزاء الجواهر أيضا من جهة ما هما متماسان لأن الشيء المماس لغيره لا يجوز أن يماسه ويماس غيره من جهة واحدة