ذلك أيضا. أن العرب تقول: إنما جاءك زيد مع عبده أن يأمره بالفعل فيفعله. وهو لا يريد بذلك تعقيب إيقاع الفعل عقيب الأمر. لأنه قد يأمره بأن يفعل الفعل بعد حول وشهر ولا يقتضي الأمر تعقيب الأمر به معجلا لأن ذلك عصيان. وإنما المراد بقولهم فيفعل الإخبار عن طاعته. وإذا كان ذلك كذلك بطل ما توهموه من كون الفاء موجبا للتعقيب في كل مكان مسألة فإن قالوا: فما أنكرتم أن يكون قوله أن نقول له كن فيكون دلالة على حدث الكلام واستئنافه لأن أهل العربية قالوا أن الخفيفة إذا دخلت مع الفعل كانت معه بمنزلة المصدر. فإن كان الفعل ماضيا كان معنى المصدر ماضيا كقولك سرني أن قمت معناه سرني قيامك. وإن دخلت على فعل مضارع كان المصدر للاستقبال كقولك يعجبني أن تقوم فيكون معناه يعجبني قيامك في المستقبل. ويحسن فيه ذكر غدا ويحسن في المصدر لما مضى ذكر أمس ولا يجوز أن يكون الفعل الواقع بعد أن الخفيفة للحال فوجب أن يكون قوله تعالى «أن نقول له كن فيكون» دلالة على استقبال القول وحدوثه.
(٢٧٧)