باب الكلام في الأحوال على أبي هاشم فإن قال قائل: ما أنكرتم أن تكون دلالة الفعل على أن فاعله عالم قادر دلالة على حال له فارق بها من ليس بعالم ولا قادر؟ قيل له: أنكرنا ذلك لأن هذه الحال لا تخلو أن تكون معلومة أو غير معلومة فإن كانت غير معروفة ولا معلومة فلا سبيل إلى معرفتها والدلالة عليها والعلم بأنها لزيد دون عمرو ولأن ما ليس بمعلوم لا يصح قيام دليل عليه ولا أن يعلم اضطرارا ولا أن يعلم أنه لزيد دون عمرو لأن العلم بأن الحال حال لفلان دون فلان فرع للعلم به وكذلك العلم بأنها معلومة بالاستدلال دون الاضطرار فرع للعلم بها جملة فإذا استحال العلم بها جملة استحال العلم بأنها لفلان دون فلان وأنها معلومة باستدلال دون اضطرار وقولهم بعد هذا إن نفس من له الحال معلومة على الحال كلام متهافت محال لأنه إذا استحال أن تكون الحال معلومة استحال أن يعلم أن النفس على الحال وأن الحال حال لها دون غيرها ووجب أن يكون العلم علما بالنفس فقط دون الحال واستحال قولهم إن العلم علم بالنفس على الحال.
ويدل على فساد هذا الكلام أنه لا يخلو العلم بأن النفس على الحال من أن يكون علما بالنفس فقط دون الحال أو علما بالحال فقط دون النفس أو علما بهما جميعا أو علما لا بالنفس ولا بالحال فإن كان علما لا