الآخر وثبوته؟ قيل له: ليس الأمر على ما ظننته لأنه لو كان الدليل على أن الصفة شرط في استحقاق صفة أخرى ما ذكرتم لوجب أن نقضي على أن من شرط العالم الموجود القائم بنفسه أن يكون جوهرا قابلا للأعراض ذا حيز في الوجود. ثم إنا لم نجد عالما في الشاهد إلا جوهرا متحيزا في الوجود قابلا للأعراض وهذا يبطل التوحيد. وإنما المعتمد في هذا الباب هو أن يقال: إنه إنما يعلم أن وجود الصفة شرط في استحقاق صفة أخرى إذا علمنا أن وجود إحدى الصفتين مع عدم الأخرى التي جعلت شرطا فيها مؤد إلى ضرب من المحال والجهالات وقلب الحقائق والدلالات وما قد دل العقل على فساده وأن الضرورة تقضي بإبطاله. وذلك كوصف المتحرك بأنه متحرك بكونه موجودا ووصف العالم بأنه عالم بكونه حيا من حيث علم أنه لو جاز أن يكون المتحرك بالحركة معلوما والعالم غير شيء مسألة لهم أخرى فإن قالوا: لو كان الباري سبحانه ذا علم لم يزل به عالما لوجب أن يكون قديما لنفسه كما أن العالم به قديم لنفسه ولو كانا قديمين لأنفسهما لوجب أن يكونا مثلين مشتبهين وأن يكون العلم إلها حيا قادرا عالما قائما بنفسه وأن يكون العالم صفة غير حي ولا عالم ولا قادر ولا قائم بنفسه من حيث أشبه ما هذه صفته.
فلما فسد ذلك فسد أن يكون له علم فيقال لهم أولا: لم قلتم إن المشتركين في صفة واحدة من صفات النفس يجب أن يكونا مثلين فإنا لكم في ذلك مخالفون ثم يقال لهم: ما أنكرتم إن كان ما قلتموه