بعض الملائكة أو الجن أو مستتر عنه من الإنس ولا له إلى أن يعلم أن متولي خطابه هو الله رب العالمين مع علمه بأن في العالم أرواحا ناطقة بمثل ما سمعه ومن جنسه وعلى صفته.
وكذلك زعموا أن قول الرسول إن الذي أدى إليه الرسالة عن ربه ملك مقرب قول لا سبيل له إلى العلم به ولعل الذي خاطبه عفريت من العفاريت أو بعض السحرة والمخيلين فأما التعويل على كتاب يظن أنه من عند ربه فهو أبعد الأمور من أن يعلم أن ذلك الكتاب ليس من عمل البشر ونظمهم ولو أنه أيضا سقط عليه من نحو السماء لم يدر لعله مما طرحه عفريت من العفاريت أو مما أرسل مع الريح أو حملته فألقته إليه. وإذا كان ذلك كذلك فلا سبيل إذا للرسول إلى تلقي الرسالة عن الخالق تعالى وفي فساد الطريق إلى ذلك فساد القول بنبوة الرسل عليهم السلام.
فيقال لهم ما أنكرتم من سقوط ما تعلقتم به وذلك أن موسى عليه السلام وكل من تولى الله خطابه بلا واسطة ولا ترجمان يعلم أن خالق العالم هو المتولي لخطابه من أربعة أوجه:
أحدها أن كلام الله سبحانه الذي يخاطب به من يشاء من خلقه ليس من جنس كلام الآدميين ولا مشبها لكلام المخلوقين بل هو مخالف لسائر الأجناس والأصوات وأبنية اللغات وإن كان مسموعا بحاسة السمع لما قام عندنا من الدليل على قدمه واستحالة خلقه وأنه صفة من صفات ذات المتكلم به وسنوضح ذلك بما يوضح الحق في باب القول في الصفات