فإن قيل ألا جعلتم العقد إلى كل فضلاء الأمة في كل عصر من أعصار المسلمين قيل له أجمع أهل الاختيار على بطلان ذلك ولعلمنا بأن الله قد فرض علينا فعل العقد على الإمام وطاعته إذا عقد له وأن اجتماع سائر أهل الحل والعقد في سائر أمصار المسلمين بصقع واحد وإطباقهم على البيعة لرجل واحد متعذر ممتنع وأن الله تعالى لا يكلف فعل المحال الممتنع الذي لا يصح فعله ولا تركه ولعلمنا بأن سلف الأمة لم يراعوا في العقد لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي حضور جميع أهل الحل والعقد في أمصار المسلمين ولا في المدينة أيضا وأن عمر رد الأمر إلى ستة نفر فقط وإن كان في غيرهم من يصلح للعقد فوجب بهذه الجملة صحة ما قلناه ويوضح ذلك أيضا أن أبا بكر عقدها لعمر فتمت إمامته وسلم عهده بعقده له وسنتكلم في بيان ذلك وصحته عند انتهاء كتابنا إلى القول في إمامة عمر بما يوضح الحق إن شاء الله.
سؤال لهم فإن قالوا فهل يجب عندكم أن يحضر العقد للإمام قوم من المسلمين قيل لهم أجل وليس يجب أن يكون لمن يحضر العقد منهم حد فإذا حضر نفر من المسلمين تمت البيعة. وقد قال قوم إن أقل ما يجب أن يحضر أربعة نفر بعد العاقد والمعقود له قياسا على فعل عمر في الشورى وهذا ليس بواجب لأن عمر لم يقصد بجعلها شورى في ستة تحديد عدد الحاضرين للعقد وإنما جعلها فيهم دون غيرهم لأنهم أفاضل الأمة وقد أخبر بذلك عن نفسه بقوله أما إنه لو حضرني سالم مولى أبي حذيفة لرأيت أني قد أصبت الرأي