ومعنى المراد بقوله «ثم تاب عليهم ليتوبوا» أي رجع بهم إلى التفضل والامتنان ليرجعوا عما كانوا عليه. فقوله تبت إليك أي رجعت عن سؤالي إياك الرؤية. وهذا هو أصل التوبة وليس الرجوع عن الشيء يقتضي كونه عصيانا. فبطل تعلقهم بالآية.
مسألة فإن سألوا عن معنى قوله «فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا» وعن تأويل ذلك وما معنى التجلي منه قيل لهم معنى ذلك أنه أرى نفسه للجبل فتدكدك وصار قطعا قطعا لما أحب تعالى من إعلام موسى صلى الله عليه أن أحدا لا يراه في الدنيا إلا لحقه ما لحق الجبل لحكمه تعالى بجعل الدنيا دار تكليف وإيمان بالغيب. ومعنى قوله تجلى أي أنه رفع عن الجبل الآفة المانعة له من رؤيته تعالى وأحياه وخلق فيه الإدراك له فرآه.
وقد يكون التجلي ظهورا أو خروجا من وراء السواتر والحجب.
وذلك من صفات الأجسام والله يتعالى عن ذلك.
وقد يكون التجلي بمعنى رفع الآفات المانعة من الإدراك. ومن ذلك قولهم تجلت لي الألوان وتجلت للضرير المبصرات إذا أبصر