محظور في العقل إن لم يبحه مالكه فإن أباحه لم يكن محظورا في العقل من غير إتلافه نفسه بقضية العقول أو كان مشروطا بما كان شرطا له.
قول آخر فإن قالوا: الدليل على أنه لا يجوز في حكمة الله سبحانه إرسال الرسل أن إرساله الرسل إلى من يعلم أنه يكفر به ويشتمه ويرد قوله ويستوجب بذلك العقاب الأليم سفه وخلاف الصواب فلما لم يجز السفه على الله سبحانه لم يجز أن يرسل الرسل إلى من حاله ما وصفنا فيقال لهم أول ما في هذا أنه يجب جواز إرسال الله تعالى الرسل إلى من يعلم قبوله منهم وانتفاعه بهم لأن هذه العلة عنهم زائلة ثم يقال لهم فيجب على اعتلالكم ألا يخلق الله سبحانه من يعلم أنه يكفر به ويجحد نعمه ويلحد في صفاته ولا ينتفع بوجود نفسه وألا يحتج بالعقول وما وضعه من الأدلة فيها على أحد علم أنه يجحدها ولا يستعملها ولا ينيب إلى ما وضح في عقله حسنه ولا يحذر مما حذر منه فإن مروا على ذلك تركوا دينهم وإن أبوه نقضوا اعتلالهم.
وإن قالوا إنما خلق من يعلم أنه يكفر واحتج عليه بعقله مع العلم بأنه لا يقبل ما كلفه بعقله تعريضا منه للقبول وحسن الانتفاع به إذا كان