تابوا) أي تفضل عليهم بقبول توبتهم فاغفر لهم. لأن قبول التوبة تفضل من الله له أن يفعله وله أن لا يفعله. وهذا التأويل غير مطرد على أصول المعتزلة لأنها توجب قبول التوبة على الله وتظلمه وتجوزه في ردها وترك قبولها والعقاب على ما هي توبة منه. فلا يسوغ لهم مع ذلك مثل تأويلنا.
فصل وقد افترقت المعتزلة فريقين. فأنكر فريق منهم الشفاعة جملة وحمل نفسه على جحد الأخبار ورد القرآن. وقال الفريق الآخر إن للأنبياء والملائكة شفاعة إلا أنها تشفع لثلاثة فرق من الناس المؤمنين.
ففريق من أهل الشفاعة هم أصحاب الصغائر الذين واقعوها مع مجانبة الكبائر.
والفريق الآخر أصحاب الكبائر الذين تابوا منها وندموا عليها.
والفريق الآخر هم المؤمنون الذين لا ذنب لهم أصلا. فتكون شفاعة الأنبياء والملائكة فيهم شفاعة في الزيادة لهم من النعيم على قدر ما يستحقون بأعمالهم. فأما الشفاعة في صاحب كبيرة إذا مات مصرا عليها فإنها باطلة.
فيقال لهم أما الشفاعة للفريقين الأولين لا معنى لها. لأنها شفاعة إلى الله في أن لا يظلم ولا يجور على عباده بعقاب غير مستحق.