مسألة فإن قالوا فما معنى قوله «إنا جعلناه قرآنا عربيا»؟
قيل لهم معنى ذلك إنا جعلنا العبارة عنه بلسان العرب وأفهمنا أحكامه والمراد به باللسان العربي وسميناه عربيا لأن الجعل قد يكون بمعنى التسمية والحكم. قال الله عز وجل «الذين جعلوا القرآن عضين» يعني سموه كذبا وحكموا عليه بذلك ولم يرد أنهم خلقوه.
وقال «وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا» يعني سموهم بذلك وحكموا لهم به ولم يرد أنهم خلقوهم إناثا. والجعل إذا عدي إلى مفعول واحد كان بمعنى الفعل لا محالة وإذا عدي إلى مفعولين صار بمعنى الحكم والتسمية في أكثر الاستعمال مثل قوله تعالى «وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما» وهذا بمعنى الخلق ومثل قوله «وجعلنا الليل والنهار آيتين». وأما الذي يعدى إلى مفعول واحد فمثل قوله «الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور» ولذلك لم يجز أن يقول قائل جعلت النجم والرجل ويقطع حتى يصله بقوله جعلت النجم هاديا ودليلا وجعلت الرجل صديقا ومتألفا. وقوله «إنا جعلناه قرآنا عربيا» متعد إلى مفعولين فصار بمعنى الحكم والتسمية.