باب الكلام في مقتل عثمان رضي الله عنه والدليل على أنه قتل مظلوما فإن قال قائل فهل تقولون إن عثمان قتل مستحقا للقتل أم مظلوما وهل كان منه حدث أوجب قتله والمطالبة بخلعه أم لا قيل له نقول إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما وإنه لم يكن منه ما يوجب قتله ولا المطالبة بخلعه ولا سقوط عدالته وموالاته وإن الذين تولوا قتله والإغراق في السعي عليه أهل فتنة ولفيف الأمصار ومن لا مدخل له في هذا الشأن أعني أمر الإمامة وحلها وعقدها وإنهم لم يستندوا في شيء مما خرجوا إليه في أمره إلى ما يمكن أن يكون شبهة فضلا عن أن يكون حجة فإن قالوا وما الدليل على ذلك الدليل عليه أنه قد ثبت من إيمان عثمان ونزاهته وسابقته وفضله وجهاده ما قدمناه من فضائله ومن صحة إمامته وثبوت بيعته ووجوب طاعته والانقياد له ما نستغني عن إعادته ورد قول فيه وإذا كان ذلك كذلك وجب أن نعتقد أنه على جميع هذه الأوصاف وأنه قتل مظلوما حتى يذكر القاتلون له والساعون عليه والمنتصرون لفجورهم ما يبيحون به دمه على ذلك الوجه ويوجب خلع طاعته وزوال عدالته وأنى لهم بذلك؟.
وعلى أنه لو ثبت عليه أمر يستحق به خلع الطاعة ويجب به زوال العدالة لم يكن مبيحا لقتله على ذلك الوجه لأنه لم يحم دارا ويمتنع على المسلمين ولا نصب الحرب بينه وبين من سار إليه فقد كان يجب عليهم القبض عليه لما أخذوه وتمكنوا من داره وحريمه أو حبسه وإبعاده عن المدينة أو أخذه بغاية الإرهاب بخلع نفسه لو كان مستحقا للخلع فأما أن يقتل على ذلك الوجه وهو غير ناصب للحرب فضلال وظلم لا محالة.
على أنه لو استحق قتله وخلعه وإبعاده لم يجز أن يتولى ذلك من أمره الذين ساروا إليه لأنهم ليسوا من أضرابه ولا أشكاله وممن يداني منزلته ولا ممن له مدخل في الإمامة ولا في عقدها وحلها والاعتراض على أهلها وإنما يعتد بمثل ما جروا إليه ويكون لأحد فيه أدنى تعلق لو تولى ذلك منه أكفاؤه ومن له مدخل في هذا الشأن وليس للرعية كافة أن يتولوا دم من هو دون