مسألة في وجوه الإعجاز فإن قال قائل: فهل في القرآن وجه من وجوه الإعجاز غير ما ذكرتموه من بديع نظمه وعجيب رصفه وتأليفه قيل له: أجل فيه وجهان آخران من وجوه الإعجاز.
أحدهما ما انطوى عليه من أخبار الغيوب التي يعلم كل عاقل عجز الخلق عن معرفتها والتوصل إلى إدراكها نحو قوله: «لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون» فدخلوه كما وعدهم وأخبرهم ومن ذلك قوله تعالى: «سيهزم الجمع ويولون الدبر» فكان ذلك كما أخبر وقوله «ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون» وقد أظهره الله وأعلى دعوته وأذل الملوك المحاولة لإبطاله التي كانت حول صاحب الدعوة إليه وقوله تعالى: «وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم». وكان من ذلك ما وعدهم الله تعالى واستخلف الأربعة الأئمة الخلفاء الراشدين.
وقوله لليهود: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما