ذكرناه منها وحسن الحسن لا يعلم إلا من طريق السمع لم يعلم قبح ذلك ولا حسنه إلا من علم السمع وعرفه فلما كنا نعلم ذلك ويعلمه كثير من أهل الملل قبل العلم بصحة السمع وبلوغه إلينا ثبت أن العلم بما وصفنا ليس بموقوف على ورود السمع يقال لهم ما أنكرتم ألا يعلم ذلك إلا من علم السمع وعرف وجوبه وأن يكون من اعتقد قبح القبيح وحسن الحسن من غير علم بما له كان حسنا وقبيحا فإنه معتقد للشيء على ما هو به وإن لم يكن اعتقاده ذلك علما بل هو ظن وتقليد وعلى سبيل المتابعة لأهل الشرائع كما أن المعتقد للشيء على ما هو به من غير جهة الاضطرار والاستدلال غير عالم به وإن كان معتقدا له على ما هو به وكما أن المعتقد لكون الوصف والحكم ثابتا للشيء مع الجهل بعلته التي كان لها غير عالم به في الحقيقة وهذا يبطل تعلقهم.
فإن قال من الفريقين قائل أعني البراهمة والمعتزلة لو كان قبح هذه الأمور وحسنها غير معلوم بالعقل بل بالسمع لوجب أن يكون العلم بقدم القديم وحدوث المحدث وحقيقة الجوهر والعرض والعلم بكل معلوم غير مدرك من ناحية العقل بل بحجة السمع فلما لم يجز ذلك بطل ما قلتم قيل لهم لم قلتم هذا فلا يجدون في ذلك سوى الدعوى. ثم يقال لهم ما الفصل بينكم وبين من زعم أنه لو جاز أو وجب أن يعلم بعض المعلومات اضطرارا لا استدلالا لجاز أو وجب أن يعلم سائر المعلومات اضطرارا لا استدلالا وكذلك لو جاز أن يعلم بعض المعلومات نظرا