باب ذكر آيات من القرآن يحتج بها القدرية في أن العباد يخلقون أفعالهم وإن استدلوا بقوله تعالى «وتخلقون إفكا» فالجواب عنه أنه تعالى عنى إنكم تختلقون كذبا أي تتخرصون وتكذبون كذبا. فالخلق يكون بمعنى الكذب والاختلاق. ومنه قوله تعالى «إن هذا إلا اختلاق» و «إن هذا إلا خلق الأولين» يعنون كذبهم. وقولهم هذا حديث مخلوق يريدون به هذا المعنى.
وإن استدلوا بقوله عز وجل «وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني».
فالمراد بذلك إنك تقدر بقلبك وتصور بيدك. والخلق يكون بمعنى تقدير القلب وفكرته ويكون معناه تصوير اليد وحركاتها واعتماداتها التي يخلق عنده أشكال ما ماسته اليد وباشرته. ونحن لا ننكر أن يكون عيسى عليه السلام مفكرا بقلبه ومحركا ليده وجوارحه حركات وفكرا يخلق الله عنده اجتماع المصدورات من الأجسام.