قبله ظهر ومتى لم يعلم ذلك لم يعلمه معجزا له وحافظ القرآن إذا ادعاه آية لم يلبث سامع دعواه مع أدنى بحث حتى يعلم أنه ظاهر لغيره فسقط احتجاجه به.
والوجه الآخر أن الله تعالى إذا علم ذلك من حال من حفظه أنساه إياه وذهب بحفظه من قلبه أو خلق لسامعه القدرة على حفظه من أوله إلى آخره حتى يقول لمن أتى به: هذا أمر حفظناه وعرفناه ولعلك عني أخذته فسقط التعلق بهذا.
مسألة في الإعجاز في التوراة والإنجيل فإن قالوا: ما أنكرتم أن تكون التوراة والإنجيل معجزا؟ قيل لهم: أنكرنا ذلك لعدم العلة التي لها كان القرآن معجزا وهي عجز العرب عن معارضة مورده مع حرصهم على تكذيبه وما عره وغض منه وإيثارهم لقتله وبلوغ كل غاية في مكارهه وفض الجمع من حوله فلو تحدى موسى وعيسى عليهما السلام أعداءهما بمثل التوراة والإنجيل وغيرهم من أهل الأهواء والملحدين فعجزوا عند التحدي عن ذلك لوجب أن يكون ما أتيا به من ذلك معجزا وإذا لم يكن ذلك كذلك لم يجب ما قلتموه.