والمحدث هو الموجود من عدم يدل على ذلك قولهم حدث بفلان حادث من مرض أو صداع إذا وجد به بعد أن لم يكن وحدث به حدث الموت وأحدث فلان في هذه العرصة بناء أي فعل ما لم يكن قبل. باب أقسام المحدثات والمحدثات كلها تنقسم ثلاثة أقسام فجسم مؤلف وجوهر منفرد وعرض موجود بالأجسام والجواهر.
فالجسم هو المؤلف يدل على ذلك قولهم رجل جسيم وزيد أجسم من عمرو إذا كثر ذهابه في الجهات وليس يعنون بالمبالغة في قولهم أجسم وجسيم إلا كثرة الأجزاء المنضمة والتأليف لأنهم لا يقولون أجسم فيمن كثرت علومه وقدره وسائر تصرفه وصفاته غير الاجتماع حتى إذا كثر الاجتماع فيه يتزايد أجزائه قيل أجسم ورجل جسيم فدل بذلك على أن قولهم جسم مفيد للتأليف.
والجوهر هو الذي يقبل من كل جنس من أجناس الأعراض عرضا واحدا لأنه متى كان كذلك كان جوهرا. ومتى خرج عن ذلك خرج عن أن يكون جوهرا. والدليل على إثباته علمنا بأن الفيل أكبر من الذرة فلو كان لا غاية لمقادير الفيل ولا لمقادير الذرة لم يكن أحدهما أكثر مقادير من الآخر ولو كان كذلك لم يكن أحدهما أكبر من الآخر كما أمه ليس بأكثر مقادير منه.