فإن قالوا: يؤمننا من ذلك جهل الخلق بكيفية نظم مثله.
قيل لهم: فلعلهم أو أكثرهم سيكتسبون العلم بذلك ثم يفعلونه. أو لعله سيتفق لهم فعله لأن فيهم القدرة عليه ولأنهم غير مضطرين إلى الجهل بنظمه لا من فعل الله تعالى ولا من فعل غيره. لأن الجهل قبيح والله تعالى عندكم لا يفعل القبيح. وإذا كان الجهل به من فعلهم وفيهم القدرة على اكتساب العلم به صح منهم ترك الجهل وفعل العلم. فلا يجدون لذلك مدفعا وفيه ترك الإسلام والطعن على الرسالة.
دليل آخر قوله عز وجل: «ألا له الخلق والأمر تبارك الله». ففصل بين الخلق والأمر. فلو كان القرآن مخلوقا لكان خلقا لأن الخلق هو المخلوق فيصير الكلام في تقدير القول ألا له الخلق والخلق وذلك عي من الكلام مستهجن مستغث والله يتعالى عن التكلم والإخبار بما لا فائدة فيه. فدل ذلك على أن الأمر ليس بخلق.
فصل فإن قالوا: فما وجه الاستدلال على نفي خلق القرآن بما قدمتموه من قوله: إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون؟.
قيل لهم: وجه التعلق به هو أنه أخبر تعالى أنه يقول لما يخلقه كن. فلو كان كلامه مخلوقا لكان قائلا له كن وذلك محال باتفاق الأمة. فبطل أن يكون قوله كن مخلوقا.
فإن قالوا: من أين استحال أن يكون قائلا لقوله؟.