إضراب السحرة والأطباء عن معارضة موسى وعيسى في آياتهما لعجزهم عن ذلك وإنما صدفوا عنه لذهابهم في النظر في أن معارضتهما تؤدي إلى تكذيبهما ولا جواب عن ذلك أبدا مسألة في المعارضة والسيف فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون الصارف للقوم عن معارضته اعتقادهم أن السيف أنجع في أمره وأحسم لمادة شبهته لا للعجز عن ذلك قيل له لو: كان في قدرة القوم التكلم بمثل القرآن لأتوا به مع نصب الحرب كما أنهم كانوا يأتون مع ذلك بالشعر والرجز والخطابة والرسائل وكل ما هو من طباعهم وفي ترك ذلك دليل على بطلان ما قلتم.
مسألة في المعارضة والشبهة فإن قالوا: ما أنكرتم أن يكون المانع لهم من معارضته هو خوفهم من دخول الشبهة على أوليائه وقوله لهم: إنه ليس بعروض لما أتيت به؟ قيل لهم هذا باطل لأن اللسان لسانهم واللغة لغتهم وهي طباع لهم ولا شبهة عليهم في معرفة ما هو بوزن كلامهم ولا مجال ولا مسرح للشك في هذا الباب ثم يقال لهم فبإزاء الخوف من ذلك الرجاء لوضوح بطلان ما أتى به لهم ووقوفهم عليه فكيف لم يبعثهم هذا على معارضته؟ ويقال لهم في هذه المسألة والتي قبلها: ما أنكرتم أن يكون هذا هو الصارف لقوم موسى