ما كان له فعلها فإذا ثبت ذلك وكان الدليل قد قام على أن الحيوان المحتمل للذات والآلام المتضادة لا يجوز أن ينفك منها بأسرها كما لا يجوز أن تنفك الأجسام من سائر المتضادات ثبت أن الله سبحانه إذا ترك فعل اللذة في الحيوان حسن منه ذلك وكان عدلا وصوابا في الحكمة ولن يترك الله اللذة إلا بما يضادها من الألم وذلك يوجب أن يكون فعل الألم بغير جرم ولا لعوض عدلا من الله سبحانه وإن كان مثله ظلما وجورا منا إذا كلفنا تركه وأمرنا من هو أملك بالحيوان منا بترك إيلامه.
فإن قالوا أو قال إخوانهم من المعتزلة ما أنكرتم أن يكون لله سبحانه ترك التفضل من اللذة بفعل الموت النافي للألم واللذات وليس له ذلك بفعل الألم وقيل لهم أنكرنا ذلك لأجل ما اتفقنا عليه من أنه متفضل بفعل اللذة في الجسم مع وجود الحياة لا مع عدمها فيجب أن يكون له ترك فعل اللذة على الوجه الذي كان له فعلها وله فعلها مع الحياة فيجب أن يكون له تركها مع الحياة ولن يترك اللذة مع وجود الحياة إلا بفعل الألم وإذا كان ذلك كذلك سقط ما سألتم عنه وبطل ما تعلقتم به وثبت أن لمالك الأعيان أن يبيح خلقه ما يشاء منها من إتلاف بعض الحيوان وإيلامه وأنه لا اعتراض لمخلوق في حكمه.
ويقال لهم لو سلم لكم أن ذبح الحيوان وإيلامه محظور في العقل ما لم يبح ذلك فيها مالكها لم يجب لأجل هذا أن يكون ذبحها